حجّية الخبر فراجع (١). هذا كلّه من حيث السند.
وأمّا من حيث الدلالة فالمعروف بينهم عدم انجبار ضعف الدلالة بعمل المشهور ، مع عدم ظهور الخبر في نفسه ، وعدم وهن الدلالة باعراض المشهور مع ظهوره في نفسه.
وهذا الذي ذكروه متين جدّاً. أمّا عدم الانجبار بعمل المشهور فلاختصاص دليل الحجّية بالظهور ، فلو لم يكن اللفظ بنفسه ظاهراً في معنى ولكن المشهور حملوه عليه لا يكون حملهم موجباً لانعقاد الظهور في اللفظ ، فلا يشمله دليل حجّية الظواهر. وأمّا عدم الانكسار فلعدم اختصاص دليل حجّية الظواهر بما إذا لم يكن الظن بخلافها ، أو بما إذا لم يحملها المشهور على خلافها ، فلو كان اللفظ بنفسه ظاهراً في معنى ، وحمله المشهور على خلافه لم يكن ذلك مانعاً عن انعقاد الظهور ، فلا يسقط عن الحجّية ، فما ذكروه في الدلالة من أنّ عمل المشهور لا يوجب الانجبار ولا إعراضهم يوجب الانكسار متين. فياليتهم عطفوا السند على الدلالة وقالوا فيه بما قالوا فيها من عدم الانجبار والانكسار.
نعم ، هنا شيء وهو أنّه إذا حمل جماعة من العلماء اللفظ على معنىً لم يكن ظاهراً فيه في نظرنا مع كونهم من أهل اللسان العربي ومن أهل العرف ، يستكشف بذلك أنّ اللفظ ظاهر في هذا المعنى الذي حملوه عليه ، إذ المراد من الظهور هو الذي يفهمه أهل العرف من اللفظ ، والمفروض أنّهم فهموا ذلك المعنى وهم من أهل اللسان. ولكن يختص ذلك بما إذا احرز أنّ حملهم اللفظ على هذا المعنى إنّما هو من جهة حاق اللفظ ، وأمّا إذا احتمل أنّ حملهم مبني على قرائن خارجية مستكشفة باجتهاداتهم فلا يكون حجّةً لعدم الظهور العرفي
__________________
(١) ص ٢٣٦