تنبيه :
ذكر صاحب الكفاية (١) قدسسره في المقام إشكالاً : وهو أنّه بعد جريان البراءة الشرعية عن وجوب الأكثر كيف يمكن الالتزام بوجوب الأقل ولا دليل عليه ، فانّ الأدلة الأوّلية تدل على وجوب المركب التام ، وبعد رفع جزئية الجزء المشكوك فيه بمثل حديث الرفع لا يبقى دليل على وجوب الباقي.
وأجاب عنه : بأنّ نسبة حديث الرفع إلى أدلة الأجزاء والشرائط نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه ، فبضميمته إليها يحكم باختصاص الجزئية بغير حال الجهل.
والتحقيق : أنّ وجوب الأقل لا يحتاج إلى دليل آخر ، فانّ نفس العلم الاجمالي بوجوب الأقل المردّد بين كونه بنحو الاطلاق أو التقييد كافٍ في وجوبه ، فالاشكال المذكور وجوابه ساقط من أصله.
والظاهر والله العالم أنّ الاشكال المذكور نشأ من الخلط بين الجهل والنسيان والاضطرار والاكراه ، فانّه في باب الاضطرار بعد رفع جزئية بعض الأجزاء للاضطرار إلى تركه بقوله صلىاللهعليهوآله : «وما اضطروا إليه» (٢) يحتاج وجوب الباقي إلى الدليل ، لأنّ الأدلة الأوّلية إنّما دلّت على وجوب المركب التام ، وبعد رفع اليد عنها لأدلة الاضطرار لم يبق دليل على وجوب بقية الأجزاء ، وكذا الحال في باب الاكراه والنسيان.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٦٧
(٢) الوسائل ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١