إلى أنّه يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي أن لا يكون التكليف في بعض أطرافه منجّزاً بمنجّز سابق على العلم الاجمالي ، إذ معه لا يبقى إلاّاحتمال التكليف في الطرف الآخر ، ولا مانع من الرجوع إلى الأصل النافي.
هذا كلّه فيما إذا لم يكن الطرف الآخر الذي هو عدل للملاقى ـ بالفتح ـ مجرى لأصل طولي سليم عن المعارض ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد المائعين ثمّ لاقى أحدهما شيء آخر. وأمّا إذا كان كذلك ، كما إذا علمنا بنجاسة مرددة بين الثوب والماء ثمّ لاقى الثوب شيء آخر ، فتسقط أصالة الطهارة في الطرفين للمعارضة ، وتبقى أصالة الحل في الماء بلا معارض ، لعدم جريانها في الثوب في نفسها ، فيقع التعارض حينئذ بين أصالة الطهارة في الملاقي ـ بالكسر ـ وبين أصالة الاباحة في الماء فانّا نعلم إجمالاً بأنّ هذا الملاقي نجس ، أو أنّ هذا الماء حرام ، وبعد تساقط الأصلين يكون العلم الاجمالي بالنسبة إلى الملاقي ـ بالكسر ـ أيضاً منجّزاً ، فيجب الاجتناب عنه أيضاً في هذا الفرض.
وأمّا المسألة الثانية : وهي ما إذا حصلت الملاقاة وعلم بها ثمّ حصل العلم الاجمالي بنجاسة الملاقى أو شيء آخر ، فهي تتصوّر على صورتين :
الصورة الاولى : ما إذا كان زمان نجاسة الملاقى على فرض تحققها واقعاً ، وزمان نجاسة ملاقيه متحداً. وبعبارة اخرى : كان زمان المعلوم بالاجمال وزمان الملاقاة واحداً ، كما إذا كان ثوب في إناء فيه ماء ، وعلمنا إجمالاً بوقوع نجاسة فيه أو في إناء آخر.
الصورة الثانية : أن يكون زمان نجاسة الملاقى على فرض تحققها واقعاً سابقاً على زمان نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ. وبعبارة اخرى : كان زمان المعلوم بالاجمال سابقاً على زمان الملاقاة ، كما إذا علمنا يوم السبت بأنّ أحد هذين الاناءين كان نجساً يوم الخميس ولاقى أحدهما الثوب يوم الجمعة.