ثمّ إنّه ذكر صاحب الكفاية (١) قدسسره أنّه لا يمكن أن يؤخذ القطع بحكم في موضوع نفس هذا الحكم ، للزوم الدور ، ولا في موضوع مثله ، للزوم اجتماع المثلين ، ولا في موضوع ضدّه ، للزوم اجتماع الضدّين. نعم ، يصح أخذ القطع بمرتبةٍ من الحكم في موضوع مرتبةٍ اخرى منه أو مثله أو ضدّه.
أقول : أمّا أخذ القطع بحكم في موضوع نفس هذا الحكم ، فلا ريب في كونه مستحيلاً ومستلزماً للدور ، فانّ القطع المتعلق بحكم يكون طريقاً إليه لا محالة ، إذ الطريقية غير قابلة للانفكاك عن القطع ، ومعنى كونه طريقاً إلى الحكم فعلية الحكم مع قطع النظر عن تعلّق القطع به. ومعنى كون القطع مأخوذاً في موضوعه عدم كونه فعلياً إلاّبعد تعلّق القطع به ، إذ فعلية الحكم تابعة لفعلية موضوعه ، ولذا قد ذكرنا غير مرّة أنّ نسبة الحكم إلى موضوعه أشبه شيء بنسبة المعلول إلى علّته ، فيلزم توقف فعلية الحكم على القطع به ، مع كونه في رتبة سابقة على القطع به ، على ما هو شأن الطريق ، وهذا هو الدور الواضح.
وأمّا أخذ القطع بحكم في موضوع ضدّه ، كما إذا قال المولى : إذا قطعت
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٦٦ و ٢٦٧