السند أو الدلالة بحيث لولاه لم يكن حجّة أم لا؟ وهل يوهن به السند أو الدلالة بحيث لو قام على خلافه يسقط عن الحجّية أم لا؟ وهل يرجّح به أحد المتعارضين على الآخر أم لا؟ فيقع الكلام في هذه الجهات الثلاث :
أمّا الكلام في الجهة الاولى : فهو أنّ المعروف المشهور بينهم انجبار ضعف السند بعمل المشهور ، مع أنّ الشهرة في نفسها لا تكون حجّة. واختاره صاحب الكفاية قدسسره وذكر في وجهه أنّ الخبر الضعيف وإن لم يكن حجّةً في نفسه ، إلاّأنّ عمل المشهور به يوجب الوثوق بصدوره ويدخل بذلك في موضوع الحجّية (١).
أقول : إن كان مراده أنّ عمل المشهور يوجب الاطمئنان الشخصي بصدور الخبر ، فالكبرى وإن كانت صحيحةً إذ الاطمئنان الشخصي حجّة ببناء العقلاء ، فانّه علم عادي ، ولذا لا تشمله أدلة المنع عن العمل بالظن ، لكنّ الصغرى ممنوعة ، إذ ربّما لا يحصل الاطمئنان الشخصي من عمل المشهور. وإن كان مراده أنّ عمل المشهور يوجب الاطمئنان النوعي ، فما ذكره غير تام صغرىً وكبرى. أمّا الصغرى : فلأ نّه لا يحصل الاطمئنان بصدور الخبر الضعيف لنوع الناس من عمل المشهور. وأمّا الكبرى : فلأ نّه على تقدير حصول الاطمئنان النوعي لا دليل على حجّيته مع فرض عدم حصول الاطمئنان الشخصي ، ولم يثبت ذلك بدليل ، إنّما الثابت ـ بسيرة العقلاء وبعض الآيات الشريفة والروايات التي تقدّم ذكرها ـ حجّية خبر الثقة الذي يحصل الوثوق النوعي بوثاقة الراوي ، بمعنى كونه محترزاً عن الكذب ، لا حجّية خبر الضعيف الذي يحصل الوثوق النوعي بصدقه ومطابقته للواقع من عمل المشهور ، بل لا دليل على حجّية خبر الضعيف الذي يحصل منه اليقين النوعي بصدقه في فرض عدم
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٣٢