المولى : أكرم كل عالم ، ثمّ قال : أكرم كل هاشمي ، فانّ ملاك الحكم في مورد الاجتماع ـ وهو عالم هاشمي ـ أقوى منه في مورد الافتراق ، فيكون الحكم فيه آكد ، فلا يلزم اجتماع المثلين أصلاً.
وأمّا المقام الثاني : وهو ما إذا كانت الأمارة مخالفةً للواقع ، فقد اجيب عن توهم اجتماع الضدّين بوجوه :
منها : ما ذكره شيخنا الأنصاري (١) قدسسره وملخص ما أفاده : أنّه يعتبر في التضاد ما يعتبر في التناقض من الوحدات الثمان ، لأنّ استحالة التضاد إنّما هي لرجوعه إلى التناقض ، باعتبار أنّ وجود كل من الضدّين يلازم عدم الآخر ، فبانتفاء إحدى الوحدات ينتفي التضاد. ومن الوحدات المعتبرة في التناقض هي وحدة الموضوع ، إذ لا مضادة بين القيام والقعود مثلاً لو كانا في موضوعين ، وعليه فلا مضادة بين الحكم الواقعي والظاهري ، لتعدّد موضوعيهما ، فانّ موضوع الأحكام الواقعية هي الأشياء بعناوينها الأوّلية ، وموضوع الأحكام الظاهرية هي الأشياء بعناوينها الثانوية ، أي بعنوان أنّها مشكوك فيها ، فلا تضاد بين الحكم الواقعي والظاهري بعد اختلاف الموضوع فيهما. هذا ملخّص كلامه قدسسره.
وفيه : أنّ الاهمال في مقام الثبوت غير معقول كما ذكرناه غير مرّة (٢) ، إذ لا يتصور الاهمال في مقام الثبوت من نفس الحاكم الجاعل للأحكام ، بأن يجعل الحكم لموضوع لا يدري أنّه مطلق أو مقيد ، فالحكم الواقعي بالنسبة إلى حال العلم والشك إمّا أن يكون مطلقاً ، فيلزم اجتماع الضدّين ، إذ الحكم الظاهري وإن
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٣٥٣
(٢) راجع محاضرات في اصول الفقه ١ : ٥٣٤