تلقى إمامك» (١) أي يجب عليك التوقف حتّى تلقى إمامك فتتفحّص وتسأله ، فنسبتها إلى أخبار البراءة هي الخصوص المطلق ، فتخصص أخبار البراءة بما بعد الفحص ، وبعد هذا التخصيص تكون النسبة بين أخبار البراءة وبين بقية أخبار التوقف الدالة على وجوب التوقف مطلقاً أيضاً هو العموم المطلق ، فتخصص أخبار التوقف بما قبل الفحص ، كما هو الشأن في جميع المتعارضين ، فانّه تلاحظ النسبة بينهما بعد ورود التخصيص في أحدهما أو في كليهما من الخارج.
ولاتلاحظ النسبة بينهما في أنفسهما مع قطع النظر عن ورود التخصيص الخارجي على ما هو مذكور في محلّه (٢). هذا بناءً على الاغماض عمّا ذكرناه من كون أخبار البراءة مختصّة بما بعد الفحص لأجل قرينة عقلية ، وإلاّ فلا نحتاج إلى تخصيص أدلة البراءة ببعض أخبار التوقف ، بل هي بنفسها مختصّة لأجل القرينة العقلية على ما تقدّم بيانه (٣).
وبما ذكرناه ظهر اختصاص أدلة الاستصحاب أيضاً بما بعد الفحص. وظهر أيضاً عدم جواز الرجوع إلى سائر الاصول العقلية قبل الفحص كالتخيير العقلي ونحوه.
وملخّص الكلام في المقام : أنّ الاصول العقلية في نفسها قاصرة عن الشمول لما قبل الفحص ، لأنّ موضوعها عدم البيان ، وهو لا يحرز إلاّبالفحص فلا مقتضي لها قبله. وأمّا الاصول النقلية فأدلّتها وإن كانت مطلقة في نفسها ، إلاّ أنّها مقيّدة بما بعد الفحص بالقرينة العقلية المتصلة والنقلية المنفصلة.
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٧ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١
(٢) راجع الجزء الثالث من هذا الكتاب ، ص ٤٦٤
(٣) في الدليل الثالث في ص ٥٧٠