على القول بعدم استحباب الوضوء نفسياً ، من دون أن يقصد به غاية من الغايات. وأمّا لو قلنا باستحبابه كذلك كما هو الظاهر من الروايات ، فلا تتمّ الثمرة المذكورة ، إذ عليه يكون نفس الوضوء مستحباً رافعاً للحدث ، ثبت استحبابه لغاية خاصّة أم لم يثبت.
التنبيه الرابع
قد يتوهّم عدم جريان البراءة في الشبهة التحريمية الموضوعية ، بدعوى أنّ الشك فيها ليس شكاً في التكليف ليرجع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو إلى حديث الرفع ، فانّ جعل الحكم بنحو الكلّي الذي هو وظيفة الشارع معلوم ، ووصل إلى المكلف أيضاً ، وإنّما الشك في مقام الامتثال والتطبيق ، فالمتعيّن هو الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، لأنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية.
وأورد عليه الشيخ قدسسره (١) بما ملخّصه : أنّ الأحكام الشرعية مجعولة بنحو القضايا الحقيقية التي يحكم فيها على الأفراد المقدّر وجودها ، فهي تنحل إلى أحكام متعددة بتعدد أفراد الموضوع ، فلكل فرد من أفراد الموضوع حكم مستقل ، وعليه فلو شكّ في كون شيء مصداقاً للموضوع كان الشك في ثبوت الحكم له ، فيكون شكاً في التكليف ، والمرجع فيه البراءة لا الاشتغال.
وذكر صاحب الكفاية قدسسره (٢) أنّ النهي قد يكون انحلالياً ، بأن يكون كل فرد من أفراد الموضوع محكوماً بحكم مستقل ، وقد يكون حكماً واحداً متعلقاً بترك الطبيعة رأساً ، بحيث لو وجد فرد منها لما حصل الامتثال
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٤٠٦
(٢) كفاية الاصول : ٣٥٣