يكون كل واحد منهما كافياً في تحقق الفعل أو الترك مع عدم الآخر ، وإن كان صدور الفعل خارجاً مستنداً إليهما فعلاً ، لاستحالة صدور الواحد من السببين المستقلين في التأثير. والأقوى فيه أيضاً هو الحكم بصحّة العبادة ، وحصول الامتثال ، لصحّة استناد الفعل إلى أمر المولى بعد كونه سبباً تامّاً في التأثير.
بقي الكلام في مسألتين :
المسألة الاولى : أنّه إذا شككنا في أنّ الدخول في محل الابتلاء معتبر في صحّة التكليف أم لا ، أو شككنا في كون بعض الأطراف خارجاً عن محل الابتلاء من جهة الشك في مفهومه وعدم تعيّن حدّه ، بناءً على اعتبار الدخول في محل الابتلاء في صحّة التكليف ، فهل يرجع إلى إطلاقات أدلة التكليف ويحكم بالتنجيز في الطرف المبتلى به ، أو إلى أصالة البراءة؟
ذهب شيخنا الأنصاري قدسسره (١) وتبعه المحقق النائيني قدسسره (٢) إلى الأوّل ، بدعوى أنّ الاطلاق هو المرجع ما لم يثبت التقييد ، فلا مجال لجريان الأصل ، فانّ مقتضى الاطلاق هو العلم بالتكليف الفعلي ، فلا يجري الأصل في أطرافه.
وذهب صاحب الكفاية (٣) قدسسره إلى الثاني ، بدعوى أنّ التمسك بالاطلاق في مقام الاثبات إنّما يصحّ فيما إذا أمكن الاطلاق بحسب مقام الثبوت ، ليستكشف بالاطلاق في مقام الاثبات الاطلاق في مقام الثبوت ، ومع الشك في إمكان الاطلاق ثبوتاً لا أثر للاطلاق إثباتاً. والمقام من هذا القبيل ، فانّه بعد
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٢٢
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٤٣٥ ، فوائد الاصول ٤ : ٥٧ و ٥٨
(٣) كفاية الاصول : ٣٦١