بالاجمال في العلم الثاني لا يزيد عدداً على المعلوم بالاجمال في العلم الثالث ، فينحل العلم الثاني بالعلم الثالث لا محالة.
والمناقشة في الانحلال بأنّ لنا علماً إجمالياً بمطابقة بعض الأمارات غير المعتبرة للواقع أيضاً ، كالروايات الموجودة في كتب العامّة مثلاً ، فانّا لا نحتمل كذب جميعها وكيف ينحل هذا العلم الاجمالي بالعلم الاجمالي بصدور جملة من الروايات الموجودة في الكتب المعتبرة ، إذ المعلوم بالاجمال في العلم الأوّل غير محتمل الانطباق على المعلوم بالاجمال في الثاني واهية لأنّ جميع الأمارات غير المعتبرة لا يكون مخالفاً لما في الكتب المعتبرة من الروايات ، بل عدّة منها موافقة له ، فافراز مقدار من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة مستلزم لافراز ما يطابقه من الأمارات غير المعتبرة ، والعمل به يستلزم العمل به بل عينه ، وليس لنا علم إجمالي بمطابقة الأمارات غير المعتبرة للواقع فيما لم يكن مطابقاً للأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة.
فتحصّل ممّا ذكرناه في المقام : أنّ الصحيح ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره وأنّ مقتضى العلم الاجمالي وجوب الأخذ بالأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة المثبتة للتكليف.
بقي الكلام في أنّ وجوب العمل بالأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة من جهة العلم الاجمالي بصدور بعضها هل يترتب عليه ما يترتب على حجّيتها من تقدّمها على الاصول العملية واللفظية أم لا؟ وتحقيق ذلك يقتضي التكلم في مقامين : المقام الأوّل : في تقدّمها على الاصول العملية. المقام الثاني : في تقدّمها على الاصول اللفظية كأصالة العموم والاطلاق.
أمّا المقام الأوّل : فتحقيق القول فيه أنّ الاصول قد تكون من الاصول المحرزة الناظرة إلى الواقع ، بمعنى أنّ المستفاد من أدلتها البناء العملي على أنّ