الاتيان بصلاة العصر ، فانّ قاعدة الفراغ في صلاة المغرب وقاعدة الحيلولة في صلاة العصر تسقطان للمعارضة ، ويرجع إلى استصحاب عدم الاتيان بالركعة المشكوك فيها في صلاة المغرب ، فيحكم ببطلانها ووجوب إعادتها ، وإلى أصالة البراءة من وجوب قضاء صلاة العصر لما ثبت في محلّه (١) من أنّ الفوت الذي هو الموضوع لوجوب القضاء لا يثبت بأصالة عدم الاتيان.
وهذا التفصيل الذي ذكرناه من جواز الرجوع إلى الأصل الطولي في بعض الموارد ، وعدم جواز الرجوع إليه في بعض الموارد الاخر ، تترتب عليه ثمرات مهمّة في بحث الخلل وفي بحث فروع العلم الاجمالي فانتبه.
التنبيه الثاني
بعد ما عرفت أنّ تنجيز العلم الاجمالي وعدمه يدور مدار جريان الاصول في أطرافه وعدمه ، يظهر لك أنّه لا ملازمة بين وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية ، بل يمكن التفكيك بينهما فيما إذا جرى الأصل في بعض الأطراف دون بعضٍ لجهة من الجهات ، فلا تجب الموافقة القطعية وإن حرمت المخالفة القطعية. نعم ، فيما إذا لم يجر الأصل في شيء من الأطراف للمعارضة ، تجب الموافقة القطعية كما تحرم المخالفة القطعية ، فإذا علم إجمالاً بحرمة أحد المائعين مثلاً ، كانت أصالة الاباحة في كل منهما معارضة بمثلها في الآخر ، فتجب الموافقة القطعية بالاجتناب عنهما ، كما تحرم المخالفة القطعية بارتكابهما معاً. وأمّا إذا علم بحرمة الجلوس في إحدى الغرفتين في زمان معيّن ، فيسقط الأصلان للمعارضة ، وتجب الموافقة القطعية بترك الجلوس فيهما وإن كانت المخالفة القطعية
__________________
(١) شرح العروة ١٦ : ٧٨