الاصول في الأطراف للمعارضة. ونتيجة ذلك سقوط التكليف واقعاً على تقدير مصادفة ما يختاره المكلف لرفع اضطراره مع الحرام الواقعي من باب الاتفاق ، وعدم سقوطه على تقدير عدم المصادفة معه. وهذا هو التوسط في الفعلية لا التوسط في التنجّز على ما اخترناه.
ويرد عليه أوّلاً : أنّ اختيار المكلف الحرام الواقعي لرفع اضطراره لايوجب ارتفاع حرمته واقعاً كما عرفت ، ودعوى أنّه بالاختيار يصير مصداقاً للمضطر إليه من باب الاتفاق غير مسموعة ، لأنّ الاضطرار إلى الجامع لا ينقلب إلى الاضطرار إلى المعيّن بارادة المكلف واختياره ، كما هو ظاهر.
وثانياً : أنّه على تقدير تسليم ارتفاع الحرمة واقعاً عمّا يختاره المكلف ، كيف يعقل الحكم بحرمته إلى زمان اختيار المكلف له لرفع اضطراره ، فانّ تحريم الشيء إنّما هو لأن يكون رادعاً للمكلف عن اختياره وساداً لطريقه ، فكيف يعقل أن يكون مغيّىً به ومرتفعاً عند حصوله ، فانّ جعل الحرمة لشيء المرتفعة باختيار المكلف فعله لغو محض ، فلا مناص من الالتزام بكون ما يختاره المكلف لرفع اضطراره محكوماً بالحلية من أوّل الأمر ، ومعه لا يبقى مجال لدعوى العلم الاجمالي بالتكليف على كل تقدير ، فلا مانع من الرجوع إلى البراءة في الطرف الآخر ، فيما كان الاضطرار إلى غير المعيّن سابقاً على العلم الاجمالي بالتكليف ، كما هو الحال في الاضطرار إلى المعيّن. وبالجملة : أنّ الالتزام بسقوط التكليف واقعاً عمّا يختاره المكلف لرفع اضطراره لا يجتمع مع القول بالتنجّز في الطرف الآخر ، فلا بدّ من الالتزام بعدم السقوط واقعاً كما اخترناه ، أو بعدم التنجّز في الطرف الآخر كما اختاره صاحب الكفاية قدسسره.
هذا كلّه في الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف في الشبهة التحريمية.
ومنه يظهر الحال إلى الاضطرار في ترك بعض الأطراف في الشبهة الوجوبية ،