والاجماع المنقول من القسم الخامس ، لأنّ الناقل للاجماع لا يخبر برأي المعصوم عليهالسلام عن الحس ، أو ما يكون قريباً منه ، ولا عن حدس ناش عن سبب كان ملازماً لقول المعصوم عليهالسلام عندنا ، فإنّ الإجماع المدّعى في كلام الشيخ الطوسي قدسسره مبني على كشف رأي المعصوم عليهالسلام من اتفاق علماء عصر واحد بقاعدة اللطف ، وهي غير تامّة عندنا على ما ستعرفه قريباً (١) إن شاء الله تعالى.
وأوهن منه الاجماع المدعى في كلام السيّد المرتضى قدسسره فانّه كثيراً ما ينقل الاجماع على حكم يراه مورد قاعدة اجمع عليها ، أو مورد أصل كذلك مع أنّه ليس من موارد تلك القاعدة أو الأصل حقيقةً ، كدعواه الاجماع على جواز الوضوء بالمائع المضاف استناداً إلى أنّ أصالة البراءة ممّا اتّفق عليه العلماء (٢) ، مع أنّه لا قائل به فيما نعلم من فقهاء الإمامية ، وليس الشك في جواز الوضوء بالمائع المضاف من موارد أصالة البراءة. وكذا الحال في الاجماع المدعى في كلمات جماعة من المتأخرين المبني على الحدس برأي المعصوم من اتفاق جماعة من الفقهاء ، إذ لا ملازمة بين هذا الاتفاق ورأي المعصوم بوجه.
نعم ، لو علم استناد ناقل الاجماع إلى الحس ، كما إذا كان معاصراً للإمام عليهالسلام ، وسمع منه الحكم فنقله بلفظ الاجماع ، فلا مجال للتوقف في الأخذ به وكان مشمولاً لأدلة حجّية الخبر بلا إشكال ، إلاّأنّ الصغرى لهذه الكبرى غير متحققة ، بل نقطع بعدمها ، فانّا نقطع بأنّ الاجماعات المنقولة في كلمات الأصحاب غير مستندة إلى الحس ، ونرى أنّ ناقلي الاجماع ممّن لم يدرك زمان
__________________
(١) في ص ١٦٠
(٢) [لاحظ المسائل الناصرية / المسألة الرابعة ، فأ نّه يظهر منها خلاف ما هو مذكور هنا]