التنبيه الحادي عشر
قد عرفت أنّ تنجيز العلم الاجمالي فيما إذا كانت الاصول الجارية في أطرافه عرضية ، بمعنى كون جميعها في مرتبة واحدة ، كما إذا علمنا إجمالاً بنجاسة أحد الماءين مثلاً وقد تقدّم (١) تفصيل الكلام في مثل ذلك. وأمّا إذا كانت الاصول طولية ، بأن يكون الأصل الجاري في بعض الأطراف في مرتبة لاحقة عن الأصل الجاري في الطرف الآخر ، كما لو علم بوقوع نجاسة في الماء أو التراب مع انحصار الطهور بهما ، فانّه لو جرت أصالة الطهارة في الماء لا تصل النوبة إلى جريانها في التراب ، إذ لا أثر له ، لعدم جواز التيمم مع وجود الماء الطاهر ، فهل يكون مثل هذا العلم منجّزاً وتتساقط الاصول في أطرافه ، أو يجري الأصل في الماء لتقدّم رتبته على الأصل الجاري في التراب ، ولا يكون الأصل الجاري في التراب معارضاً للأصل الجاري في الماء ، لعدم كونه في رتبته ، فتجري أصالة الطهارة في الماء بلا معارض؟ وعلى تقدير التساقط فهل يحكم بكون المكلف فاقداً للطهورين ، أو بوجوب الجمع بين الوضوء والتيمم عليه تحصيلاً للطهارة اليقينية؟ وجوه.
والتحقيق أن يقال : إنّ التراب المحتمل نجاسته تارةً لا يكون لطهارته أثر شرعي في عرض الأثر الشرعي لطهارة الماء ، وكان الأثر الشرعي لطهارته جواز التيمم فقط الذي ليس في مرتبة طهارة الماء ، كما إذا كان التراب مال الغير ولم يأذن في السجدة عليه ، أو كان المكلف غير مكلف بالسجدة وكان تكليفه الايماء مثلاً. واخرى يكون لطهارته أثر آخر غير جواز التيمم ، وكان
__________________
(١) في أوائل هذا البحث فراجع ص ٤٠٤ وما بعدها