بالفروع أو تعمّ الاصول الاعتقادية أيضاً؟ وتفصيل الكلام في المقام أنّ الظن إمّا أن يتعلّق بالأحكام الفرعية ، وإمّا أن يتعلق بالاصول الاعتقادية ، وإمّا أن يتعلق بغيرهما كالامور التكوينية والتاريخية.
أمّا الظن المتعلق بالأحكام الفرعية ، فهو حجّة سواء كان من الظن الخاص أو من الظن المطلق. أمّا الظن الخاص فواضح. وأمّا الظن المطلق فلأنّ المفروض تمامية مقدّمات الانسداد.
وأمّا الظن المتعلق بالاصول الاعتقادية ، فلا ينبغي الشك في عدم جواز الاكتفاء بالظن فيما يجب معرفته عقلاً ، كمعرفة البارئ (جلّ شأنه) ، أو شرعاً كمعرفة المعاد الجسماني ، إذ لا يصدق عليه المعرفة ، ولا يكون تحصيله خروجاً من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، وقد ذكرنا في بحث القطع أنّ الأمارات لا تقوم مقام القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الصفتية (١) ، فلا بدّ من تحصيل العلم والمعرفة مع الامكان ، ومع العجز عنه لا إشكال في أنّه غير مكلّف بتحصيله ، إذ العقل مستقل بقبح التكليف بغير المقدور. كما أنّه لا إشكال في كونه غير معذور ومستحقاً للعقاب فيما إذا كان عجزه عن تقصير منه المعبّر عنه بالجاهل المقصّر ، فانّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار بالنسبة إلى استحقاق العقاب وإن كان ينافيه بالنسبة إلى التكليف على ما قرّر في محلّه (٢). وهذا كلّه واضح ، إنّما الكلام فيما إذا كان عجزه عن تحصيل العلم والمعرفة عن قصور للغفلة أو لغموض المطلب مع عدم الاستعداد ، كما هو المشاهد في كثير من النساء بل الرجال ، ويعبّر عن هذا بالجاهل القاصر ، والكلام فيه يقع في مقامات ثلاثة :
__________________
(١) راجع ص ٣٦
(٢) محاضرات في اصول الفقه ٢ : ١٨٥ ـ ١٨٦