ويطرح المظنونات بالظن الضعيف أيضاً كالمشكوكات ، وفي هاتين الصورتين يكون الامتثال شكّياً لطرح مشكوك التكليف على الفرض ، فيكون التنزّل من الضعيف إلى القوي ، وتكون دائرة العمل بالظن أوسع ، وعلى تقدير التعذر يتضيّق شيئاً فشيئاً.
الجهة الرابعة : في البحث عن تمامية المقدّمات وعدمها فنقول :
أمّا المقدّمة الاولى : فبديهية ، إذ العلم الاجمالي بوجود تكاليف فعلية لا بدّ من التعرّض لامتثالها حاصل لكل مكلّف مسلم ، فانّا لسنا كالبهائم نفعل ما نشاء ونترك ما نريد. وأطراف هذا العلم الاجمالي وإن كانت كثيرة بحيث لا يتمكن المكلف من الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعية فيها ، ويضطر إلى ترك بعض الأطراف في الشبهة الوجوبية ، وإلى فعل بعض الأطراف في الشبهة التحريمية ، إلاّأنّ هذا الاضطرار لا يرفع تنجيز العلم الاجمالي في مثل المقام.
أمّا على مسلك شيخنا الأنصاري قدسسره من أنّ الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الاجمالي تركاً أو فعلاً لا يرفع تنجيز العلم الاجمالي بالنسبة إلى بقيّة الأطراف فيما إذا كان الاضطرار إلى غير معيّن (١) فالأمر واضح. وهذا المسلك هو الصحيح على ما سنذكره في مبحث الاشتغال (٢) إن شاء الله تعالى.
وأمّا على مسلك صاحب الكفاية قدسسره من عدم تنجيز العلم الاجمالي مع الاضطرار إلى غير المعيّن من الأطراف ، بملاحظة أنّ التكليف بالنسبة إلى بعض الأطراف ساقط للاضطرار ، وبالنسبة إلى البقية مشكوك الحدوث ، فلا مانع من الرجوع إلى البراءة فيها (٣) ، فلأنّ ذلك إنّما هو فيما إذا كان التكليف
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٢٥
(٢) في ص ٤٤٣ وما بعدها
(٣) كفاية الاصول : ٣٦٠