فتحصّل : أنّ ما ذكره الشيخ قدسسره متين ولا يرد عليه شيء من الاشكالات المذكورة.
ثمّ إنّ القائل بالاستحالة استند إلى وجهين : أحدهما راجع إلى الملاك ، والآخر إلى التكليف.
أمّا ما يرجع إلى الملاك ، فهو أنّ الأمارة ربّما تقوم على وجوب ما هو مباح واقعاً ، أو على حرمة ما هو مباح كذلك ، ولازم حجّية الأمارة هو الالزام بشيء من الفعل أو الترك ، من دون أن تكون فيه مصلحة ملزمة أو مفسدة ملزمة ، مع أنّا نقول بتبعية الأحكام الشرعية للمصالح والمفاسد ، وهذا هو المراد من تحريم الحلال في قولهم ، وربّما تقوم على إباحة شيء والترخيص فيه مع أنّ حكمه الواقعي هو الالزام بالفعل أو الترك ، فيلزم من حجّية الأمارة تفويت المصلحة الملزمة أو الالقاء في المفسدة الملزمة ، وهذا هو المراد من تحليل الحرام في قولهم ، وكل ذلك صدوره محال عن الحكيم تعالى.
وأمّا ما يرجع إلى التكليف ، فهو أنّ الأمارة التي يتعبد بها إن كانت موافقة للحكم الواقعي لزم من حجيتها اجتماع المثلين ، وهما الحكم الواقعي المفروض وجوده والحكم الظاهري المجعول بمقتضى حجّية الأمارة ، وإن كانت مخالفة له لزم اجتماع الضدّين ، وكلاهما محال. هذا ملخص ما هو المنسوب إلى ابن قبة بتوضيح من المتأخرين.
والجواب : أمّا عن إشكال الملاك ، فهو أنّ صور الاشكال من ناحية الملاك ثلاث :
الصورة الاولى : ما إذا دلّت الأمارة على وجوب ما هو مباح واقعاً أو على حرمته.