من الآية كافٍ في إلزامه (١) ، فيرد عليه الوجهان المذكوران في الكفاية : من أنّ الاستدلال يكون حينئذ جدلياً لا يمكن أن يستند إليه الاصولي المنكر للملازمة المذكورة ، وأنّ اعتراف الخصم بالملازمة المذكورة بعيد جداً ، بل غير واقع ، إذ ربّما تنتفي فعلية العذاب في مورد العصيان اليقيني للعفو أو التوبة أو الشفاعة ، مع ثبوت الاستحقاق فيه بلا كلام وإشكال ، فكيف يظن الاعتراف بالملازمة بين نفي الفعلية ونفي الاستحقاق من الأخباريين (٢).
ومنها : حديث الرفع المروي في خصال الصدوق قدسسره بسند صحيح عن حريز عن أبي عبدالله عليهالسلام : «قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رفع عن امّتي تسعة : الخطأ والنسيان وما اكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطرّوا إليه والحسد والطيرة والتفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة» (٣).
وتقريب الاستدلال به : أنّ الالزام المحتمل من الوجوب أو الحرمة ممّا لايعلم فهو مرفوع بمقتضى الحديث الشريف ، والمراد من الرفع هو الرفع في مرحلة الظاهر لا الرفع في الواقع ليستلزم التصويب ، وذلك للقرينة الداخلية والخارجية.
أمّا القرينة الداخلية التي قد يعبّر عنها بمناسبة الحكم والموضوع فهي أنّ نفس التعبير بما لا يعلم يدل على أنّ في الواقع شيئاً لا نعلمه ، إذ الشك في شيء والجهل به فرع وجوده ، ولو كان المرفوع وجوده الواقعي بمجرد الجهل به لكان
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٣٥٩
(٢) كفاية الاصول : ٣٣٩
(٣) الخصال : ٤١٧ / باب التسعة ح ٩ ، الوسائل ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١