الرابع : ـ وهو أحسن الوجوه ـ أنّه لم يدل دليل من آية أو رواية على لزوم كون مؤدى الأمارة حكماً شرعياً أو ذا أثر شرعي ، وإنّما نعتبر ذلك من جهة حكم العقل بأنّ التعبد بأمر لا يكون له أثر شرعي لغو لا يصدر من الحكيم ، ويكفي في دفع محذور اللّغوية وقوع الخبر في سلسلة إثبات الحكم الشرعي الصادر من الإمام عليهالسلام. وبعبارة اخرى : يكفي في حجّية اخبار الرواة ترتب الأثر الشرعي على مجموعها من حيث المجموع ، ولا ملزم لاعتبار ترتب أثر شرعي على كل خبر مع قطع النظر عن خبر آخر ، ولا خفاء في ترتب الأثر على اخبار مجموع الرواة الواقعة في سلسلة نقل قول المعصوم عليهالسلام (١).
نعم ، لو كان في جملة الرواة الواقعة في سلسلة نقل قوم المعصوم فاسق غير موثوق به أو رجل مجهول الحال ، لا يشمل دليل الحجّية لاخبار بقية الرواة الواقعة في تلك السلسلة ولو كانوا عدولاً أو ثقات ، لعدم ترتب أثر شرعي على المجموع من حيث المجموع أيضاً ، إذ خبر الفاسق خارج عن أدلة الحجّية موضوعاً ، وبخروجه ينقطع اتصال الاخبار إلى المعصوم عليهالسلام فلا يقع الباقي من الرواة في سلسلة إثبات قول المعصوم عليهالسلام فلا يكون مشمولاً لأدلة الحجّية ، لعدم ترتب أثر شرعي عليه ، فيكون التعبد بحجّيته لغواً.
ومن الآيات التي استدلّ بها على حجّية خبر الواحد آية النفر ، وهي قوله
__________________
(١) نعم ، هو أحسن الوجوه والمتعيّن في المقام ، إذ الوجوه السابقة راجعة إلى التقرير الأوّل من الاشكال وهو الذي يرجع إليه ما ذكره سيّدنا الاستاذ (دام ظلّه) على مختاره من أنّ المجعول في باب الأمارات هو الكاشفية والطريقية بتتميم الكشف ، بلا فرق بين القول بأنّ المجعول هو الكاشفية والطريقية ، والقول بأ نّه تنزيل المؤدى منزلة الواقع فتأمّل