حجّية القطع
وقبل الشروع فيها لابدّ من التنبيه على امور :
الأمر الأوّل : أنّه لا ينبغي الشك في أنّ مبحث القطع ليس من مسائل علم الاصول ، إذ قد عرفت في أوّل بحث الألفاظ (١) أنّ المسألة الاصولية هي ما تكون نتيجتها ـ على تقدير التمامية ـ موجبة للقطع بالوظيفة الفعلية ، وأمّا القطع بالوظيفة فهو بنفسه نتيجة ، لا أنّه موجب لقطع آخر بالوظيفة ، وإن شئت قلت : إنّ المسألة الاصولية ما تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الفرعي بحيث لو انضمّ إليها صغراها أنتجت حكماً فرعياً ، ومن الظاهر أنّ القطع بالحكم لا يقع في طريق استنباط الحكم ، بل هو بنفسه نتيجة.
وبالجملة : القطع بالحكم ليس إلاّانكشاف الحكم بنفسه ، فكيف يكون مقدّمة لانكشافه كي يكون البحث عنه من المسائل الاصولية. ويزداد هذا وضوحاً بتذكر ما أسلفناه في بيان فهرس مسائل علم الاصول (٢) ولا حاجة إلى الاعادة ، وبما أنّ القطع بالوظيفة نتيجة المسائل الاصولية ـ إذ العلم بالوظيفة من لوازم العلم بالمسائل الاصولية بعد ضمّ الصغرى إليها ـ ناسب البحث عنه في الاصول
__________________
(١) راجع محاضرات في اصول الفقه ١ : ٤ ـ ١٣
(٢) المصدر السابق ص ١ ـ ٤