بين الأصغر والأكبر بعد الوضوء ، فانّ الأصل في كل منهما معارض بالأصل الجاري في الآخر ، وبعد تساقطهما يرجع إلى الاستصحاب ويحكم ببقاء الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر. وهذا بخلاف ما إذا كان الأصل جارياً في بعض الأطراف بلا معارض كما في المقام ، فانّ التكليف في الطرف المضطر إليه معلوم الانتفاء بالوجدان ، فلا معنى لجريان الأصل فيه ، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه ، فليس لنا علم بالتكليف وشكّ في سقوطه حتّى نحكم ببقائه للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال ، كما في مثال الحدث المردد بين الأكبر والأصغر ، لأنّ التكليف في الطرف المضطر إليه منفي بالوجدان ، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث ومنفي بالتعبد للأصل الجاري فيه بلا معارض ، ومن هنا نقول بأنّ المرجع عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين هي البراءة ، فانّه مع الاتيان بالأقل يشك في بقاء التكليف المعلوم بالاجمال ، ومع ذلك لا يرجع إلى الاستصحاب ولا إلى قاعدة الاشتغال ، وليس ذلك إلاّلأنّ منشأ الشك في بقاء التكليف احتمال تعلّقه بالأكثر الذي يجري فيه الأصل بلا معارض ، فالتكليف بالأقل ساقط بالامتثال ، والتكليف بالأكثر مشكوك الحدوث من أوّل الأمر ، ومنفي بالتعبّد للأصل الجاري فيه بلا معارض ، فلم يبق مجال للرجوع إلى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال.
وظهر ممّا ذكرناه ـ في حكم الاضطرار إلى المعيّن من الأطراف بأقسامه الثلاثة ـ حكم غير الاضطرار ممّا يرتفع معه الحكم ، كفقدان بعض الأطراف أو خروجه عن محل الابتلاء أو الاكراه إلى البعض المعيّن من الأطراف ونحوها ، فانّه يجري فيها جميع ما ذكرناه في الاضطرار من الأقسام والأحكام ، فلاحاجة إلى الاعادة.
وأمّا المقام الثاني : وهو ما كان الاضطرار إلى أحد الأطراف لا بعينه ، فاختار