وجوب الاجتناب عن أكل لحم كل من الجسدين ، إلاّ أنّه إذا مسّ شخص أحدهما لا يحكم عليه بوجوب الغسل ، لأنّ المعلوم بالاجمال وهو بدن ميّت الانسان جزء للموضوع للحكم بوجوب الغسل ، وتمامه مس بدن ميّت الانسان وهو مشكوك التحقق والأصل عدمه.
والوجه في ذلك : أنّ العلم الاجمالي إذا تعلّق بثبوت التكليف الفعلي فالشك في كل واحد من الأطراف إنّما يكون شكاً في انطباق المعلوم بالاجمال عليه ، ومعه لايمكن الرجوع إلى الأصل النافي في جميع الأطراف ، لاستلزامه الترخيص في المعصية ومخالفة التكليف الواصل ، ولا في بعضها لبطلان الترجيح بلا مرجّح على ما تقدّم بيانه مفصّلاً (١). وأمّا إن كان الشك في تمامية الموضوع ، كما في المثال الذي ذكرناه ، فمرجعه إلى الشك في أصل التكليف ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه. وما ذكرناه من تساقط الاصول فيما إذا كان المعلوم بالاجمال تمام الموضوع ، وعدم المانع من الرجوع إلى الأصل فيما إذا كان المعلوم بالاجمال جزء الموضوع ، واضح لا إشكال فيه من حيث الكبرى.
إلاّ أنّه وقع الاشكال والخلاف في بعض الموارد من حيث الصغرى ، فقد يدّعى أنّه من موارد العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي ، للعلم بتمام الموضوع فيحكم بالتنجيز. وقد يقال : إنّه من موارد العلم بجزء الموضوع لا تمامه ، فيكون التكليف مشكوكاً فيه فيرجع إلى الأصل. ومن ذلك ما إذا علم إجمالاً بغصبية إحدى الشجرتين ثمّ حصلت لإحداهما ثمرة دون الاخرى ، فقد يقال فيه بجواز التصرّف في الثمرة تكليفاً وبعدم ضمانها وضعاً باعتبار أنّ الموجب لحرمة الثمرة كونها نماء المغصوب وهو مشكوك فيه والأصل عدمه ، كما أنّ
__________________
(١) في ص ٤٠٤ وما بعدها