لأنّ الظاهر من الشيخ العمل بالخبر المحتفّ بالقرائن (١) ، والضعيف عند المتأخّرين بمعنى عدم كونه ثقةً أو ممدوحاً (٢) ، لا يضرّ بحال الشيخ ، فجاز أنْ يكون ثقةً عند المتأخرين من جهة ، وضعيفاً عند المتقدمين من جهة ، وقول أبي العباس قابل للتأويل المتقدّم ، بحيث لا يفيد التضعيف عند المتأخرين.
قلت : لما ذكرت وجه ، وبسببه قد يندفع بعض التعارض الواقع بين توثيق النجاشي وتضعيف الشيخ ، إلاّ أنّ هذا يحتاج إلى مزيد فكر في الفرق بين الأمرين.
وبهذا يندفع قول العلاّمة في الخلاصة في ترجمة الحسن بن الحسين : إنّ النجاشي قال إنّه ثقة ، وابن بابويه ضعّفه (٣). فإنّ ما ذكرناه يقتضي عدم المنافاة ، وعلى ما يقتضيه كلام بعض الأصحاب من تقديم الجارح في مثل هذا (٤) يكون الجارح مقدّماً ، والحال أنّه لا يبعد الجزم بتوثيقه وإنْ قلنا بتقديم الجارح ، فينبغي تأمّل هذا ، فإنّي لم أر تحريره في كلام متأخّري الأصحاب.
ومن هنا يعلم أنّ قول جدّي قدسسره في شرح البداية : إنّ من ألفاظ الجرح قولهم : فلان ضعيف (٥) ؛ محلّ تأمّل ؛ لأنّ الضعف في كلام المتقدمين محتمل لأنْ يريدوا به الضعف مقابل الثقة ، ولأنْ يريدوا به عدم قبول روايته منفرداً.
__________________
(١) انظر الاستبصار ١ : ٣ ، عدة الأُصول : ٣٣٧.
(٢) انظر الدراية : ٢٤.
(٣) الخلاصة : ٤٠ / ١١.
(٤) الدراية : ٧٣.
(٥) الدراية : ٧٢.