فإنْ قلت : ظاهر الخبر الأذان للأُولى من دون إقامة ، ثم الإقامة للبواقي.
قلت : الظاهر ما ذكرت ، إلاّ أنّ في خبر لزرارة معتبر ما يدلّ على أنّه يؤذّن للأُولى ويقيم ، ثمّ يصلّي ما بعدها بإقامة إقامة (١).
وينبغي أنْ يُعلم أنّ العلاّمة في المنتهى على ما نقل عنه قال : لو أذّن لكلّ واحدة كان أفضل ، واستدلّ بحديث : « من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته » (٢) قال : وقد كان حكم الفائتة تقديم الأذان عليها فكذا القضاء (٣).
واعترضه بعض محققي المعاصرين سلّمه الله بأنّه يقتضي كون الأمر في حديث زرارة بما هو خلاف الأفضل (٤) ؛ وعنى سلّمه الله بخبر زرارة ما أشرنا إليه ، فإنّه تضمّن الأمر بصلاة ما بعد الأُولى بإقامة إقامة.
وقد يقال : إنّ الأمر بخلاف الأفضل لا مانع منه إذا كان في المأمور به فضل كما في كثير من النظائر ، ومنه الأمر بالتسبيحة الواحدة في الأخيرتين ، فالفائدة بيان جواز الاقتصار على المأمور به.
ولعلّ الأولى في الجواب : أنّ ما دلّ على قضاء الصلاة كما فاتت يفيد أنّ الفائتة إذا لم يتحقق فيها مقتضي سقوط الأذان ثانياً يمكن تتميم الدليل فيه كما لو فرّق القضاء ، أمّا لو جمع فالسقوط هو حكم الفائتة ، على أنّ حديث : « من فاتته فريضة » لا يخرج عن الإطلاق أو العموم ، وخبر زرارة مقيّد أو خاص ، نعم ما دلّ على سقوط الأذان ثانياً مع الجمع قد
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٩١ الصلاة ب ١٢ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٥٨ / ٣٤٠ ، الوسائل ٤ : ٢٩٠ أبواب المواقيت ب ٦٣ ح ١.
(٢) انظر غوالي اللئالي ٢ : ٥٤ / ١٤٣.
(٣) المنتهى ١ : ٢٦٠ ، حكاه عنه في الحبل المتين : ٢٠٥.
(٤) البهائي في الحبل المتين : ٢٠٦.