وإن كان فيهما غشّ ، فإن كان له قيمة ـ كالرصاص والنحاس ـ جاز بيع بعضها ببعض صرفا للخالص إلى الغشّ ، والغشّ إلى الخالص ، وحملا على صحّة البيع مهما أمكن.
ولما رواه عمر بن يزيد عن الصادق عليهالسلام : قلت له : الدراهم بالدراهم مع أحدهما الرصاص وزنا بوزن ، فقال : « لا بأس » (١) وبه قال أبو حنيفة (٢).
وقال الشافعي : لا يجوز ، لجهل التساوي بين الفضّتين ، لإمكان اختلاف الغشّ ، والجهل بالتساوي فيما فيه الربا كالعلم بالتفاضل ، وهو مبني على مقابلة الجنس بمثله (٣).
وهو ممنوع ، بل إمّا أن يقابل بمخالفه ، أو تقابل الجملة بالجملة ، والمركّب من المساوي والمختلف مخالف للمركّب من المساوي والمختلف ، كالأنواع المندرجة تحت جنس واحد.
وإن كان الغشّ ممّا يستهلك ، كالزرنيخيّة والاندرانيّة في الفضّة التي تطلي على النورة ، والزرنيخ المستهلك بدخوله النار ، جاز البيع ، عندنا أيضا على ما تقدّم ، خلافا للشافعي ، للجهل بتساوي الفضّتين (٤). وقد بيّنّا عدم اشتراط العلم بهما.
تذنيب : يجوز أن يشتري بكلّ واحد من هذين القسمين متاعا غير أحد النقدين ، لأنّه لمّا جاز شراء النقدين بهما فبغيرهما أولى ـ وهو أحد وجهي الشافعيّة (٥) ـ لأنّ عمر قال : من زافت دراهمه فليدخل السوق
__________________
(١) الفقيه ٣ : ١٨٤ ـ ١٨٥ ، ٨٣٣ ، التهذيب ٧ : ١١٤ ، ٤٩٣ بتفاوت يسير.
(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٩٦.
(٣) حلية العلماء ٤ : ١٥٨.
(٤) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٨.
(٥) حلية العلماء ٤ : ١٥٨.