قبل البلوغ معارض باحتمال طروئها بعده ، فالأصل تأخّر الطروء ، وأصالة تأخّر البلوغ مع أنّه لا يتم فيما لم يعلم حصول الكرّ تدريجاً لا يقاوم ما ذكرنا من الأُصول ، سيّما مع المعارضة.
وقد يستدلّ بأنّ العلّة للنجاسة هي قلّة الماء ، وقد زالت ، فيزول معلولها ، لاستحالة انفكاك المعلول عن العلّة.
وفيه : أنّا نمنع اتّحاد علّة الوجود والبقاء ، فلعلّ العلّة للبقاء هو أمر معنوي حصل من التنجيس.
واستدلّ ابن إدريس (١) بالإجماع ، والعمومات،مثل(لِيُطَهِّرَكُمْ) (٢) و (فَاطَّهَّرُوا) (٣) وقوله عليهالسلام : «إذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً» (٤) بتقريب أنّ معناه لم يظهر فيه خبث ، كما ذكره جماعة من اللغويين.
وجوابه منع الإجماع ، وأما العمومات فلا ريب أنّ صحّة الطهارة من الحدث والخبث مشروطة بالطهارة ، وطهارة هذا الماء أوّل الدعوى.
وأما المستفاد من مثل «خلق الله الماء طهوراً»(٥) و (أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (٦) ونحو ذلك ، فليس إلّا الطهارة بالأصل ، ولا تنافي نجاسته بالعرض ، وهو يقيني.
وأما الرواية ، فلم نقف عليها في كتب أصحابنا ، إلّا ما رواه السيد والشيخ في بعض كتبهم الاستدلاليّة مرسلاً ، واستدلّ بها السيد لأصل عدم انفعال الكرّ بالنجاسة ، وظاهرها أيضاً ذلك.
__________________
(١) السرائر ١ : ٦٣.
(٢) الأنفال : ١١.
(٣) المائدة : ٦.
(٤) الانتصار : ٦ ، الخلاف ١ : ١٧٤ ، عوالي اللآلي ١ : ٧٦ ، وج ٢ : ٦ ، مستدرك الوسائل ١ : ١٩٨ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٦.
(٥) الوسائل ١ : ٩٩ أبواب الماء المطلق ب ١.
(٦) الفرقان : ٤٨.