بوجوب إكرام زيد ، ثمّ علمنا بارتفاعه واحتملنا وجوب إكرام عمرو ، فهل يصح جريان الاستصحاب في أصل الوجوب بنحو مفاد كان التامّة ليترتب عليه وجوب إكرام عمرو؟
الوجه الثالث : أن يستصحب الوجوب الاستقلالي الثابت للصلاة مثلاً فيما إذا لم يكن الجزء المتعذر من الأجزاء المقوّمة ، باعتبار أنّ الصلاة الفاقدة للجزء المتعذر متحدة مع الواجدة له بنظر العرف ، فيقال إنّ هذه الصلاة كانت واجبة قبل طروء التعذر ، فيستصحب بقاؤها على صفة الوجوب بعد التعذر أيضاً.
والفرق بين هذا الوجه والوجهين السابقين هو أنّ جريان الاستصحاب ـ على هذا التقريب ـ يختص بما إذا كان المتعذر غير مقوّم للواجب بنظر العرف ، لتكون القضيّة المتيقنة متحدةً مع المشكوك فيها ، بخلاف التقريبين السابقين ، فانّه لو صحّ جريان الاستصحاب عليهما لا يختص بمورد دون مورد ، كما هو ظاهر.
وتمامية هذا الوجه تتوقف على أمرين :
الأوّل : صحّة جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية من جهة الشك في المجعول الشرعي ، والمختار عدمها لابتلائه بالمعارض وهو استصحاب عدم الجعل على ما سنتكلّم فيه في مبحث الاستصحاب (١) إن شاء الله تعالى.
الثاني : إحراز كون المتعذر غير مقوّم للواجب ، ليكون الشك في وجوب غير المتعذر من الأجزاء والشرائط شكاً في البقاء لا في الحدوث ، وعليه فقد يقال بعدم جريان الاستصحاب عند الشك في وجوب غير المتعذر من الأجزاء والشرائط في المركبات الشرعية ، بدعوى أنّه لا طريق لنا إلى تمييز المقوّم من غيره في المركبات الشرعية ، فكل جزء أو شرط كان متعذراً يحتمل كونه مقوّماً ،
__________________
(١) راجع المجلد الثالث من هذا الكتاب ص ٤٢