بدعوى أنّ الظن غير المعتبر في حكم الشك فتكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة ، فلا يلزم من جعل الحكم المضاد في فرض الجهل بالواقع اجتماع الضدّين ، وإلاّ فلا يمكن الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري في جميع موارد الجهل بالواقع. وعليه فيمكن أن يحكم المولى بوجوب شرب مائع قام على حرمته ظن غير معتبر ، لأنّ تعدد المرتبة مانع عن التضاد بين الحكمين.
أقول : إنّ ما ذكره قدسسره وإن كان صحيحاً في نفسه ، فان جعل الترخيص في موارد الشك في الوجوب أو الحرمة ـ على ما هو مقتضى أدلة البراءة ـ ممّا لا إشكال فيه ، مع أنّه يحتمل أن يكون الحكم الواقعي هو الوجوب أو الحرمة ، إذ لا منافاة بين الترخيص الظاهري في ظرف الجهل والالزام الواقعي ، كما هو مذكور في محلّه (١). إلاّ أنّه لا ربط له بالمقام ، إذ ليس الكلام في إمكان جعل الحكم الظاهري وعدمه ، بل البحث إنّما هو في الحكم الواقعي من حيث إنّه يمكن أخذ الظن بحكمٍ في موضوع حكمٍ آخر يضاده أم لا ، كما هو الحال في القطع ، فانّ الكلام فيه كان في إمكان أخذه في موضوع حكمٍ مضادٍ لمتعلقه ، باعتبار الحكم الواقعي ، إذ لا يتصور فيه حكم ظاهري.
والصحيح : أنّ أخذ الظن بحكم في موضوع حكم آخر مضاد له غير ممكن وإن كان الظن غير معتبر ، كما إذا قال المولى : إذا ظننت بوجوب الشيء الفلاني حرم عليك هذا الشيء ، وذلك لما تقدّم في القطع (٢) من أنّ الحكم الذي اخذ في موضوعه الظن وإن كان مقيداً بصورة الظن ، إلاّأنّ الحكم الذي تعلّق به الظن مطلق ، وإطلاقه يشمل صورة الظن به ، فيلزم اجتماع الضدّين في هذا الفرض ،
__________________
(١) راجع ص ١٢٥ وما بعدها
(٢) في ص ٤٨