انحلال العلم الاجمالي ، ففي جواز الرجوع إلى البراءة الشرعية وجهان. ذهب صاحب الكفاية قدسسره (١) والمحقق النائيني قدسسره (٢) إلى الأوّل.
أمّا صاحب الكفاية فذكر في وجهه أنّ عموم مثل حديث الرفع قاضٍ برفع جزئية ما شكّ في جزئيته ، فبمثله يرتفع الاجمال والتردد عمّا تردد أمره بين الأقل والأكثر ، ويعينه في الأوّل.
وأمّا المحقق النائيني قدسسره فذكر في وجهه أنّ مفاد حديث الرفع ونحوه عدم التقييد في مرحلة الظاهر ، فيثبت به الاطلاق ظاهراً ، لأنّ عدم التقييد هو عين الاطلاق ، باعتبار أنّ التقابل بينهما هو تقابل العدم والملكة ، فالاطلاق عدم التقييد في مورد كان صالحاً للتقييد ، فبضميمة مثل حديث الرفع إلى أدلة الأجزاء والشرائط يثبت الاطلاق في مرحلة الظاهر.
والتحقيق عدم صحّة التفكيك بين البراءة العقلية والشرعية ، وأ نّه على تقدير عدم جريان البراءة العقلية كما هو المفروض لا مجال لجريان البراءة الشرعية أيضاً ، وذلك لأنّ عمدة ما توهم كونه مانعاً عن جريان البراءة العقلية أمران :
الأوّل : لزوم تحصيل الغرض المردد ترتبه على الأقل والأكثر. الثاني : أنّ الأقل المعلوم وجوبه على كل تقدير هو الطبيعة المرددة بين الاطلاق والتقييد ، فكل من الاطلاق والتقييد مشكوك فيه ، فلا ينحل العلم الاجمالي لتوقفه على إثبات الاطلاق ، فما لم يثبت الاطلاق كان العلم الاجمالي باقياً على حاله. وعليه يكون الشك في سقوط التكليف باتيان الأقل لا في ثبوته ، فيكون مجرىً لقاعدة الاشتغال دون البراءة. ومن الظاهر أنّ كلاً من هذين الوجهين لو تمّ لكان مانعاً
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٦٦
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٤٩٤ ، فوائد الاصول ٤ : ١٦٢