لبسه مع العلم التفصيلي بالنجاسة ، فيبقى شرب الماء محتمل الحرمة والحلية ، لاحتمال نجاسته ، فهل تجري فيه أصالة الحل أو تسقط بالعلم الاجمالي كسقوط أصالة الطهارة؟ وجهان.
ذهب المحقق النائيني قدسسره (١) إلى سقوطها للمعارضة بالأصل الجاري في الطرف الآخر وإن كان واحداً ، فالتزم بعدم جواز شرب الماء في المثال لعدم المؤمّن من احتمال العقاب عليه.
ولكنّ التحقيق جريانها وعدم معارضتها بأصالة الطهارة في الطرف الآخر ، وذلك لما عرفت (٢) من أنّ العلم الاجمالي بالتكليف لا يوجب تنجّز الواقع إلاّبعد تساقط الاصول في أطرافه ، فإذا كان الأصل الجاري في الطرفين من سنخ واحد كأصالة الطهارة في المثال المذكور ، فلا مناص من القول بعدم شموله لكلا الطرفين لاستلزامه الترخيص في المعصية ، ولا لأحدهما لأنّه ترجيح بلا مرجّح.
وأمّا الأصل الطولي المختص بأحد الطرفين ، فلا مانع من شمول دليله للطرف المختص به ، إذ لا يلزم منه ترجيح من غير مرجّح ، لعدم شمول دليله للطرف الآخر في نفسه.
وبعبارة اخرى : أنّ دليل أصالة الطهارة ـ بعد العلم بعدم شموله لكلا الطرفين على ما تقدّم بيانه ـ نعلم بتخصيصه ، فلا بدّ من رفع اليد عنه إمّا في كلا الطرفين أو في أحدهما ، وحيث إنّ الثاني مستلزم للترجيح بلا مرجّح فتعيّن الأوّل.
وأمّا دليل أصالة الحل ، فهو بعمومه لا يشمل إلاّأحد الطرفين من أوّل الأمر ، فلا موجب لرفع اليد عنه.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٢٣ ، فوائد الاصول ٤ : ٤٨ و ٤٩
(٢) في ص ٤٠٤