الأمارات المعتبرة وغير المعتبرة كما هو مقتضى العلم الاجمالي الثاني على تقدير عدم انحلاله. والميزان في الانحلال أن لايكون المعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الصغير أقل عدداً من المعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الكبير ، بحيث لو أفرزنا من أطراف العلم الاجمالي الصغير بالمقدار المتيقن لم يبق لنا علم إجمالي في بقية الأطراف ، ولو انضمّ إليها غيرها من أطراف العلم الاجمالي الكبير.
مثلاً إذا علمنا إجمالاً بوجود خمس شياه مغصوبة في قطيع من الغنم ، وعلمنا أيضاً بوجود خمس شياه مغصوبة في جملة البيض من هذا القطيع ، فلا محالة ينحل العلم الاجمالي الأوّل بالعلم الاجمالي الثاني ، فإنّا لو أفرزنا خمس شياه بيض لم يبق لنا علم إجمالي بمغصوبية البقية ، لاحتمال انطباق المعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الكبير على المعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الصغير ، بخلاف ما لو علمنا إجمالاً بوجود ثلاث شياه محرّمة في جملة البيض من هذا القطيع ، فانّ العلم الاجمالي الأوّل لا ينحل بالعلم الاجمالي الثاني ، إذ لو أفرزنا ثلاث شياه بيض بقي علمنا الاجمالي بمغصوبية البعض الباقي بحاله ، لأنّ انطباق الخمس على الثلاث غير معقول ، وعليه فلاينبغي الشك في انحلال العلم الاجمالي الكبير بالعلم الاجمالي المتوسط ، إذ المعلوم بالاجمال في الأوّل لا يزيد عدداً على المعلوم بالاجمال في الثاني ، لأنّ منشأ العلم الاجمالي الكبير هو العلم باستلزام الشرع لوجود أحكام وتكاليف ، ويكفيه المقدار المعلوم بالاجمال في موارد قيام الامارات.
وكذا العلم الاجمالي الثاني ينحل بالعلم الاجمالي الثالث ، لأنّا لو أفرزنا مقداراً من أطراف العلم الثالث ـ أي الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة ـ من كل باب من أبواب الفقه ، بحيث يكون المجموع بمقدار المعلوم بالاجمال في العلم الثالث ، لم يبق لنا علم إجمالي بوجود التكاليف في غيره ولو مع ضم سائر الأمارات ، بل وجود التكاليف في غيره مجرّد احتمال فيستكشف بذلك أنّ المعلوم