ولا بين الأخبار وغيرها من الأمارات المعتبرة أو غير المعتبرة من حيث تنجيز العلم الاجمالي ، فيجب الأخذ بالجميع ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به ، كما هو ظاهر.
وأجاب عنه صاحب الكفاية قدسسره بأنّ العلم الاجمالي بثبوت التكاليف في موارد قيام الأمارات قد انحلّ بالعلم الاجمالي بصدور جملة من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة عن المعصوم عليهالسلام (١) وتوضيح ذلك : أنّ لنا ثلاثة علوم إجمالية :
الأوّل : العلم الاجمالي الكبير وأطرافه جميع الشبهات ، ومنشؤه هو العلم بالشرع الأقدس وتأسيس الشريعة المقدّسة ، إذ لا معنى للشرع الخالي عن التكليف رأساً.
الثاني : العلم الاجمالي المتوسط وأطرافه موارد قيام الأمارات المعتبرة وغير المعتبرة ، ومنشؤه كثرة الأمارات بحيث لا نحتمل مخالفة جميعها للواقع بل نعلم إجمالاً بمطابقة بعضها له.
الثالث : العلم الاجمالي الصغير وأطرافه خصوص الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة ، فانّا نعلم إجمالاً بصدور جملة من هذه الأخبار عن المعصوم عليهالسلام.
وحيث إنّ العلم الاجمالي الأوّل ينحل بالعلم الاجمالي الثاني ، وينحل العلم الاجمالي الثاني بالعلم الاجمالي الثالث ، فلا يجب الاحتياط إلاّفي أطراف العلم الاجمالي الثالث ، ونتيجة ذلك هو وجوب العمل على طبق الأخبار المثبتة للتكليف الموجودة في الكتب المعتبرة ، لا الاحتياط في جميع الشبهات كما هو مقتضى العلم الاجمالي الأوّل لولا انحلاله ، ولا الاحتياط في جميع موارد
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٠٤ و ٣٠٥