مثلاً ، ولا من الأمر بالواجبات كالصلاة والصوم في صدر الاسلام ، ولذا كان صلىاللهعليهوآله يقول : «قولوا لا إله إلاّالله تفلحوا» (١) فلا مجال للتمسك بالاستصحاب ، إذ لم تحرز حجّية السيرة قبل نزول الآيات كي يتمسك في بقائها بعد نزولها بالاستصحاب. وبهذا ظهر الاشكال في :
الوجه الثالث أيضاً ، فانّ كون المقام من صغريات دوران الأمر بين التخصيص والنسخ متوقف على إحراز كون السيرة حجّة قبل نزول الآيات لتكون قابلة لتخصيص الآيات ، فيدور الأمر بين النسخ والتخصيص ، وإحراز كون السيرة حجّة قبل نزول الآيات متوقف على إحراز كون الشارع متمكناً من الردع قبل نزول الآيات ، وأنّى لنا باثبات ذلك.
والصحيح في مقام الجواب ودفع توهّم كون الآيات رادعة عن السيرة أن يقال :
أوّلاً : أنّا نقطع بعدم الردع في الشريعة المقدّسة عن هذه السيرة ، لبقائها واستمرارها بين المتشرعة وأصحاب الأئمة عليهمالسلام بعد نزول الآيات ، فانّ عمل الصحابة والتابعين بخبر الثقة غير قابل للانكار ، على ما تقدّم بيانه في تقريب الاستدلال بالسيرة (٢) ، ولو كانت الآيات رادعة عنها لانقطعت السيرة في زمان الأئمة عليهمالسلام لا محالة.
وثانياً : مع الغض عن ذلك ، أنّ الظاهر من لسان الآيات كونها إرشاداً إلى ما يحكم به العقل من تحصيل المؤمّن من العقاب المحتمل ، والانتهاء إلى ما يعلم به الأمن ، ولذا لا تكون قابلة للتخصيص. وكيف يمكن الالتزام بالتخصيص في
__________________
(١) بحار الأنوار ١٨ : ٢٠٢
(٢) تقدّم في ص ٢٢٩