القرينة فهو مدفوع بأ نّه خلاف الفرض ، إذ المفروض كونه في مقام البيان ، فلا منشأ لاحتمال إرادة خلاف الظاهر إلاّاحتمال الغفلة من المتكلم أو من السامع ، وهو مدفوع بالأصل المتحقق عليه بناء العقلاء. وهذا الأصل لا يجري بالنسبة إلى من لم يكن مقصوداً بالافهام ، لعدم انحصار الوجه لاحتمال إرادة خلاف الظاهر بالنسبة إليه في احتمال الغفلة ليدفع بأصالة عدم الغفلة ، إذ يحتمل اتكال المتكلم في ذلك على قرينة منفصلة ، أو قرينة حالية كانت معهودة بينهما وقد خفيت على من لم يكن مقصوداً بالافهام ، فلا تجديه أصالة عدم الغفلة ، ولا يجوز له التمسك بالظواهر.
ثمّ إنّه على تقدير تسليم جريان أصالة الظهور ـ ولو لم يكن احتمال إرادة خلاف الظاهر مستنداً إلى احتمال الغفلة ـ إنّما تجري أصالة الظهور فيما إذا لم يعلم أنّ ديدن المتكلم قد جرى على الاتكال على القرائن المنفصلة ، وأمّا مع العلم بذلك فلا تجري أصالة الظهور ، ولا يجوز الأخذ بظاهر كلامه لغير المقصود بالافهام ، ومن الواضح أنّ الأئمة عليهمالسلام كثيراً ما كانوا يعتمدون على القرائن المنفصلة ، وربّما كانوا يؤخّرون البيان عن وقت الخطاب ، بل عن وقت الحاجة لمصلحة مقتضية لذلك ، فكيف يمكن الأخذ بظاهر كلامهم عليهمالسلام لغير المشافهين المقصودين بالافهام.
أمّا الوجه الثاني : فهو أنّ الأخبار المرويّة عن الأئمة عليهمالسلام لم تصل إلينا كما صدرت عنهم عليهمالسلام بل وصلت إلينا مقطّعةً ، ونحتمل وجود قرينة على خلاف ما نفهمه من الكلام ، وقد خفيت علينا من جهة التقطيع ، فلم ينعقد للكلام ظهور مع هذا الاحتمال ، وليس المقام من باب احتمال وجود القرينة ليدفع بأصالة عدم القرينة ، بل من باب احتمال قرينية الموجود ، وفي مثله لا تجري أصالة عدم القرينة ، فلا ظهور للكلام بالنسبة إلى من لم يكن