مقصوداً بالافهام. هذا ملخّص ما ذكره الشيخ قدسسره من الوجهين بتوضيح منّا ، ولا يتمّ شيء منهما.
أمّا ما ذكره في منع الكبرى ، من أنّ منشأ أصالة الظهور هي أصالة عدم الغفلة ، وهي غير جارية بالنسبة إلى من لم يقصد بالافهام ، ففيه : أنّ أصالة عدم الغفلة وإن لم تكن جاريةً بالنسبة إلى غير المقصود بالافهام (١) ، إلاّ أنّها ليست أصلاً لأصالة الظهور ، بل كل من أصالة عدم الغفلة وأصالة الظهور أصل برأسه وناشئ من منشأ لايرتبط أحدهما بالآخر ، وإن كان كل واحد منهما من الاصول العقلائية الثابتة حجّيتها ببناء العقلاء. أمّا أصالة عدم الغفلة ، فمنشؤها أنّ الغفلة والسهو في الفعل والقول خلاف طبيعة الانسان ، إذ الانسان بطبعه يفعل ما يفعل عن الالتفات ، ويقول ما يقول عن الالتفات ، ولذا استقرّ البناء من العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال الغفلة ، وأمّا أصالة الظهور فمنشؤها كون الألفاظ كاشفةً عن المرادات الواقعية بحسب الوضع ، أو بحسب قرينة عامّة ، كالاطلاق الكاشف عن المراد الجدي بضميمة مقدّمات الحكمة.
فتحصّل : أنّ المنشأ لأصالة الظهور هو الوضع أو القرينة العامّة ، والمنشأ لأصالة عدم الغفلة هو كون الغفلة خلاف طبع الانسان في الفعل والقول ، فلا يرتبط أحدهما بالآخر ، والنسبة بينهما من حيث المورد هي العموم من وجه ، لأ نّه تفترق أصالة عدم الغفلة عن أصالة الظهور في فعل صادر عن البالغ العاقل إذا احتمل صدوره منه غفلةً ، وتفترق أصالة الظهور عن أصالة عدم الغفلة في كلام صادر عن النبي صلىاللهعليهوآله أو الإمام عليهالسلام ، إذ
__________________
(١) والتحقيق أنّها جارية في غيره كما سيذكر سيّدنا الاستاذ (دام ظلّه) في أصالة الظهور بعد أسطر ، وفي الصفحة ١٥٠