المنقولة ، أمّا ثبوتها بالشاهدين عند غير الحاكم فقد علمت ما فيه ، نعم يمكن أن يقال بثبوتها بإخبار العدل ؛ لعموم آية ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ) (١) وإشكال الوالد قدسسره ( في الآية ) (٢) قد قدّمنا القول فيه (٣).
وأمّا ثبوت العدالة بالمعاشرة الباطنة فهو مذكور في كلام البعض (٤) ، إلاّ أنّ ذكر الباطنة لا يخلو من خفاء ؛ لأنّ الاطلاع على البواطن بعيد التحقق ، إلاّ أن يراد به حصول الظن الغالب ، والتعبير بالباطن ( لإرادة أنّ ) (٥) مجرد الاطلاع على الظاهر لا يكفي ، وله نوع وجه.
لكن لا يخفى أنّ هذا في جانب الإصرار على الصغيرة ومنافيات المروءة في غاية الإشكال ، والالتفات إلى الملكة المذكورة يزيد الإشكال ، ولو نظرنا إلى ظاهر خبر ابن أبي يعفور أمكن الاكتفاء بما دون الملكة.
والذي ذكره الوالد قدسسره فيما أشرنا إليه هو أنّ المراد بالملكة الصفة المستقرة زماناً تباين باعتباره الأعراض السريعة الزوال ، فهي ما من شأنها زجر النفس ومنعها من فعل الكبائر والإصرار على الصغائر وفعل ما ينافي المروءة ، ولمّا كانت هذه الصفات ممّا لا تدرك بالحسّ وإنّما تعلم بالآثار الصادرة عنها اعتُبر في معرفتها حصول العشرة والملازمة التي يتكرر فيها صدور الآثار الظاهرة عن تلك الحالة الباطنة ، بحيث يعلم بالعادة (٦) أنّ مثلها لا يصدر إلاّ عن الملكة.
__________________
(١) الحجرات : آية ٦.
(٢) ما بين القوسين ليس في « م ».
(٣) في ص ٢١٨٣.
(٤) روض الجنان : ٣٦٤.
(٥) بدل ما بين القوسين في « رض » و « م » ، لأنّ إرادة.
(٦) في « م » : بالإعادة.