تنبيهات
الأول : عُلم مما تقدم : أن المقصود بالذّات من الجملة الشرطية هو الجواب : فاذا قلت إن اجتهد فريد كافأته ، كنت مخبراً بأنك ستكافئه ، ولكن في حال حصول الاجتهاد ، لا في عموم الأحوال (١). ويتفرع على هذا : أنها تُعد خبرية أو إنشائية باعتبار جوابها.
الثاني : ما تقدَّم من الفرق بين «إن» و «إذا» هو مقتضى الظاهر.
وقد يخرجُ الكلام على خلافه ، فتستعملُ إن في الشرط المقطوع بثبوته أو نفيه لأغراض كثيرة :
أ ـ كالتجاهل : نحو قول المعُتذر إن كُنتُ فعلتُ هذا فعن خطأ.
ب ـ وكتنزيل المخاطب العالم منزلة الجاهل : لمخالفته مقتضى علمه كقولك للمتكبر توبيخاً له : إن كنتَ من تراب فلا تفتخر.
ج ـ وكتغليب غير المُتَّصف بالشرط على المتَّصف به : كما إذا كان السفر قطعي الحصول لسعيد ، غير قطعي لخليل ، فتقول ان سافرتما كان كذا (٢).
__________________
(١) قال السكاكي : قد يقيد الفعل بالشرط لاعتبارات تستدعى التقييد به ولا يخرج الكلام تقيييده به عما كان عليه من الخبرية والانشائية ـ فالجزاء إن كان خبرا : فالجمة خبرية نحو إن جئتني أكرمك أي أكرمك لمجيئك ، وإن كان إنشاء فالجملة انشائية ، نحو إن جاءك خليل فأكرمه ، أي أكرمه وقت مجيئه ، فالحكم عنده في الجمل المصدرة بأن وأمثالها في الجزاء ، وأما نفس الشرط فهو قيد للمسند فيه ، وقد خرجته الأداة عن الخبرية واحتمال الصدق والكذب.
(٢) أي ففيه تغليب لمن لم يقطع له بالسفر على من قطع له به ، فاستعملت (إن) في المجزوم : وهو من قطع له به بسبب تغليبه على من لم يقطع له به وهذا السبب مساغ لذكر (إن) ، واعلم أن التغليب (الذي هو أن يعطى أحد المصطحبين ، أو المتشاكلين حكم الآخر) باب واسع يجري في أساليب كثيرة لنكات عديدة ، سمحت بها المطولات في هذا المقام ، واعلم أيضاً : أن المقصود بالذات من جملتي الشرط والجواب : هو جملة الجواب فقط ، وأما جملة الشرط فهي قيد لها ، فاذا قلت إن زارني سليم أكرمته فالمقصود أنك ستكرم سليما ، ولكن في حال زيارته لك ، فتعد الجملة اسمية أو فعلية أو خبرية أو إنشائية : باعتبار الجواب كما سبق توضيحه مفصلا : فارجع إليه إن شئت.