المقام ، فقد ذكر له احتمالات أربعة :
الأوّل : أن يكون الكلام نفياً اريد به النهي بمنزلة قوله تعالى : «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ» على ما تقدّم بيانه (١). وعلى هذا فمفاد الجملتين حرمة الاضرار بالغير ، وحرمة القيام مقام الاضرار. واختار هذا الاحتمال شيخنا الشريعة الاصفهاني قدسسره (٢) وأصرّ عليه.
وهذا الاحتمال وإن كان ممكناً في نفسه ، إلاّ أنّه لا يمكن الالتزام به في المقام.
أمّا بناءً على اشتمال الرواية على كلمة «في الاسلام» كما في رواية الفقيه ونهاية ابن الأثير (٣) فظاهر ، لأنّ هذا القيد كاشف عن أنّ المراد هو النفي في مقام التشريع ، لا نفي الوجود الخارجي بداعي الزجر. وأمّا بناءً على عدم ثبوت اشتمالها عليها كما هو الصحيح لكون رواية الفقيه مرسلةً غير منجبرة ، ورواية ابن الأثير للعامّة ، فلأنّ حمل النفي على النهي يتوقف على وجود قرينة صارفة عن ظهور الجملة في كونها خبرية كما هي ثابتة في قوله تعالى : «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ» فانّ العلم بوجود هذه الامور في الخارج مع العلم بعدم جواز الكذب على الله (سبحانه وتعالى) قرينة قطعية على إرادة النهي. وأمّا المقام فلا موجب لرفع اليد عن الظهور وحمل النفي على النهي ، لامكان حمل القضيّة على الخبرية على ما سنذكره قريباً (٤) إن شاء الله تعالى.
الثاني : أن يكون المراد نفي الحكم بلسان نفي الموضوع على ما تقدّم
__________________
(١) في ص ٦٠٨
(٢) قاعدة لا ضرر : ٢٥
(٣) راجع ص ٦٠٢
(٤) في ص ٦١٥