أصلاً. فعلى الأوّل يكون الشك في انطباق الموضوع على شيء شكاً في ثبوت التكليف فالمرجع هي البراءة ، وعلى الثاني كان مورداً لقاعدة الاشتغال ، لأنّ تعلّق التكليف بترك الطبيعة رأساً معلوم ، ولا يحرز امتثاله إلاّبترك كل ما يحتمل انطباق الطبيعة عليه ، إلاّإذا كانت له حالة سابقة فيستصحب ، فيكون الامتثال محرزاً بالتعبد.
وتحقيق المقام يقتضي بسطاً في الكلام ، فانّ تعلّق التكليف التحريمي بالطبيعة ليس منحصراً بما ذكره الشيخ قدسسره من الانحلال إلى تكاليف متعددة بتعدد أفراد الموضوع ، ولا بما ذكره صاحب الكفاية قدسسره من القسمين ، فنقول : إنّ النهي المتعلق بالطبيعة يتصوّر على أقسام :
الأوّل : أن يكون متعلقاً بها على نحو الطبيعة السارية ، بأن يكون التكليف متعدداً بتعدد أفرادها ، وعليه فلو شكّ في كون شيء مصداقاً للموضوع كان الشك في ثبوت التكليف ، فيرجع إلى البراءة كما ذكره الشيخ وصاحب الكفاية قدسسرهما.
الثاني : أن يكون متعلقاً بها على نحو صرف الوجود ، بأن يكون التكليف واحداً متعلقاً بترك الطبيعة رأساً ، بحيث لو وجد فرد منها لما حصل الامتثال أصلاً ، وإن كان المتصف بالحرمة هو أوّل وجود الطبيعة دون غيره. وفي هذا الفرض لو شكّ في كون شيء مصداقاً للموضوع فذكر صاحب الكفاية قدسسره أنّ المرجع فيه قاعدة الاشتغال ، باعتبار أنّ تعلّق التكليف بترك الطبيعة معلوم ، ولا يحرز امتثاله إلاّبترك كل ما يحتمل انطباق الطبيعة عليه. ولكنّ التحقيق أنّ المرجع فيه أيضاً هي البراءة ، لأنّ الشك في المصداق في هذا الفرض شكّ في تعلّق التكليف الضمني به ، فيرجع إلى البراءة ، إذ لا اختصاص لها