وأمّا إن كان الأصل من الاصول المحرزة كاستصحاب الوجوب أو الحرمة في فرض قيام الخبر على نفي التكليف ، كما في وطء الحائض بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال ، فانّ الخبر دلّ على الجواز مع غسل الموضع ومقتضى الاستصحاب هو الحرمة ، ففي مثل ذلك إن كانت موارد الاستصحاب المثبت للتكليف قليلة ، بحيث لم يحصل لنا علم إجمالي بصدور بعض الأخبار الترخيصية في تلك الموارد فلا مانع من جريان الأصل على القول بعدم حجّية الخبر ووجوب العمل به من جهة العلم الاجمالي ، بخلاف القول بحجّيته. فتظهر الثمرة بينهما في هذا الفرض كالصورة السابقة.
وأمّا إذا علم إجمالاً بمخالفة الاستصحاب للواقع في بعض الموارد ، كما إذا كانت موارد جريانه كثيرة وعلم إجمالاً بصدور بعض الأخبار الترخيصية في تلك الموارد ، فجريان الاستصحاب وعدمه مبني على الخلاف بين الأعلام في جريان الأصل المحرز المثبت للتكليف مع العلم الاجمالي بمخالفته للواقع في بعض الأطراف ، كما إذا علمنا بنجاسة إناءين ثمّ علمنا إجمالاً بطهارة أحدهما ، فاختار شيخنا الأنصاري قدسسره (١) وتبعه المحقق النائيني قدسسره (٢) عدم جريان استصحاب النجاسة فيهما. واختار صاحب الكفاية قدسسره جريانه (٣) ، وهو الصحيح على ما ذكرناه في محلّه (٤). والمقام من صغريات تلك المسألة ، فعلى القول بجريانه تظهر الثمرة في المقام بين حجّية الخبر ووجوب
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٧٤٤ و ٧٤٥
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٥٠ ـ ٥٢ ، وفوائد الاصول ٣ : ٧٨
(٣) كفاية الاصول : ٤٣٢
(٤) تقدّمت الاشارة إليه في ص ٨١ ويأتي في بحث الشك في المكلف به في ص ٤٠٣ وما بعدها ، كما يأتي مفصّلاً في الجزء الثالث ص ٣٠٥ ـ ٣٠٩