كر لم ينجّسه شيء» (١) فانّ الموضوع بحسب ظاهر القضيّة وإن كان طبيعي الماء ، وبلوغه قدر الكر شرط لعدم الانفعال ، إلاّ أنّه لا يقتضي الحكم بعدم انفعال كل ماء بالملاقاة إذا اتّصف فرد منه بالكرية ، بل مقتضاه عدم انفعال خصوص الماء الذي بلغ قدر كر.
وبالجملة : مفاد الكلام بحسب الظهور العرفي عدم انفعال خصوص الماء البالغ قدر الكر ، لا عدم انفعال كل ماء حتّى القليل بمجرد اتصاف فرد منه بالكرية ، وكذا في المقام فانّ مفاد الكلام بحسب فهم العرف هو وجوب التبين عن الخبر الذي جاء به الفاسق لا وجوب التبين عن كل خبر حتّى خبر العادل بمجرد مجيء الفاسق بفرد منه. وكأنّ المتوهم خلط بين رجوع القيد إلى الموضوع في مقام الاثبات ورجوعه إليه في مقام الثبوت.
وظهر بما ذكرناه في المقام الاشكال على ما ذكره في الكفاية : من دلالة الآية على حجّية خبر العادل ولو كانت القضيّة مسوقة لبيان الموضوع ، بدعوى ظهورها في حصر وجوب التبين في خبر الفاسق فيستفاد عدم وجوبه عن غيره (٢) ، وذلك لما تقدّم من أنّ القضيّة الشرطية لو كانت مسوقة لبيان الموضوع لا تفيد إلاّكون الموضوع للحكم أمراً كذا ، ومن الواضح أنّ إثبات الحكم لموضوع لا يدل على انتفائه عن موضوع آخر. وبعبارة اخرى : استفادة الحصر من الآية المباركة تتوقف على دلالتها على المفهوم ، وبعد تسليم أنّها مسوقة لبيان الموضوع لا مفهوم لها فكيف تصح دعوى ظهورها في الحصر.
هذا وقد ذكرنا في الدورة السابقة أنّ دلالة القضيّة الشرطية على المفهوم
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٥٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١
(٢) كفاية الاصول : ٢٩٦