مشكل يردّ حكمه إلى الله» فانّ الإمام عليهالسلام طبّق الأمر البيّن رشده على الخبر المجمع عليه ، وحينئذ يكون الخبر المعارض له ساقطاً عن الحجّية في نفسه ، لما دلّ على طرح الخبر المخالف للكتاب والسنّة (١) ، والمراد بالسنّة كل خبر مقطوع الصدور لا خصوص النبوي كما هو ظاهر. ولا ينافي ما ذكرناه فرض الراوي الشهرة في كلتا الروايتين بعد أمر الإمام عليهالسلام بالأخذ بالمجمع عليه ، وذلك لأنّ القطع بصدور أحدهما لا يستلزم القطع بعدم صدور الآخر ، بل يمكن أن يكون كلاهما صادراً من المعصوم عليهالسلام ، ويكون أحدهما صادراً لبيان الحكم الواقعي ، والآخر للتقيّة.
وظهر بما ذكرناه عدم صحّة الاستدلال بالمرفوعة أيضاً ، إذ المراد بقوله عليهالسلام : «خذ بما اشتهر بين أصحابك» هو الشهرة بالمعنى اللغوي ، أي الظاهر الواضح (٢) ، كما يقال شهر سيفه وسيف شاهر ، فيكون المراد به الخبر الواضح صدوره ، بأن كان مقطوع الصدور أو المطمأن بصدوره ، ويكون حينئذ الخبر المعارض له ساقطاً عن الحجّية في نفسه لما تقدّم.
هذا مضافاً إلى عدم تمامية كل من المرفوعة والمقبولة من حيث السند.
أمّا المرفوعة فلكونها من المراسيل التي لا يصحّ الاعتماد عليها ، فانّها مرويّة في كتاب عوالي اللآلي (٣) لابن أبي جمهور الاحسائي عن العلاّمة مرفوعة إلى زرارة. مضافاً إلى أنّها لم توجد في كتب العلاّمة قدسسره ولم يثبت توثيق راويها ، بل طعن فيه وفي كتابه من ليس دأبه الخدشة في سند الرواية ، كالمحدِّث
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٢٣ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٧ وغيره
(٢) المنجد : ٤٠٦ / مادّة شهر
(٣) عوالي اللآلي ٤ : ١٣٣ / ح ٢٢٩