الأمر من الأئمة عليهمالسلام بالرجوع إلى الكتاب عند تعارض الخبرين ، بل مطلقاً (١). ولو كان القرآن من قبيل الرموز لم يكن معنىً للارجاع إليه ، فدعوى كون القرآن من قبيل الرموز التي لا يفهم منها شيء في غاية السقوط.
الثاني : أنّ القرآن مشتمل على معانٍ غامضة ومضامين شامخة ، فانّه مع صغر حجمه مشتمل على علم ما كان وما يكون ، على نحو لا يصل إليه فكر البشر إلاّالراسخون في العلم ، وهم الأئمة المعصومون عليهمالسلام ، ولذا ورد في بعض الروايات أنّه «إنّما يعرف القرآن من خوطب به» (٢).
وفيه : أنّ كلامنا في ظواهره التي يعرفها أهل اللسان لا في بواطنه التي لا يعرفها إلاّمن خوطب به ، واشتماله على مضامين عالية لا ينافي ظهوره ، فانّه مع اشتماله على معانٍ غامضة عالية يعرف ظواهره أهل اللسان على ما عرفت.
الثالث : أنّ القرآن وإن كان له ظهور في حد ذاته ، ولكن العلم الاجمالي بوجود القرائن المنفصلة الدالة على خلاف الظاهر من مخصصات ومقيدات وقرائن على المجاز يمنع عن العمل بظواهره ، فهي مجملات حكماً وإن كانت ظواهر حقيقة.
وفيه : أنّ العلم الاجمالي المذكور يوجب الفحص عن المخصص والمقيد والقرينة على المجاز ، لا سقوط الظواهر عن الحجية رأساً ، وإلاّ لم يجز العمل بالروايات أيضاً ، لوجود العلم الاجمالي فيها أيضاً ، كما في القرآن.
الرابع : أنّه دلّت عدّة من الروايات على وقوع التحريف في القرآن فيحتمل وجود القرينة على إرادة خلاف الظاهر فيما سقط منه بالتحريف ، وهذا الاحتمال
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١ و ١٠ وغيرهما
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٨٥ / أبواب صفات القاضي ب ١٣ ح ٢٥