أحدهما : كونه صفة نفسانية.
ثانيهما : كونه موجباً لتحيّر المكلف ، والمأخوذ في موضوع الأحكام الظاهرية هو الاعتبار الثاني. ويمكن أن لا يكون للأحكام الواقعية إطلاق بالنسبة إلى حال الحيرة ، فلا يكون هناك حكم واقعي حتّى يقع التضاد بينه وبين الحكم الظاهري. هذا ملخص كلامه زيد في علوّ مقامه.
أقول : أمّا ما ذكره في الأمارات ـ من أنّه ليس المجعول فيها إلاّالطريقية والكاشفية ، فلا يكون هناك حكم تكليفي حتّى يلزم اجتماع الضدّين ـ فمتين جداً ، وكذا ما ذكره في الاصول المحرزة : من أنّ المجعول فيها الطريقية من حيث الجري العملي فقط ، بل نقول : الاصول المحرزة أمارات عند التحقيق على ما ذكرناه في محلّه (١) ولا ينافي ذلك تقدّم الأمارات عليها ، إذ الأمارات أيضاً يتقدّم بعضها على بعض ، فانّ البيّنة تتقدّم على اليد ، وحكم الحاكم مقدّم على البيّنة ، والاقرار مقدّم على حكم الحاكم ، فاشكال اجتماع الضدّين في مورد الأمارات والاصول المحرزة مندفع من أساسه.
وأمّا ما ذكره في الاصول غير المحرزة فغير مفيد في دفع الاشكال ، لأنّ اختلاف المرتبة لا يرفع التضاد بين الحكمين ، ولذا يستحيل أن يحكم المولى بوجوب شيء ثمّ يرخّص في تركه إذا علم بوجوبه ، مع أنّ الترخيص متأخر عن الوجوب بمرتبتين ، والسرّ فيه : أنّ المضادة إنّما هي في فعلية حكمين في زمان واحد ، سواء كانا من حيث الجعل في مرتبة واحدة أو في مرتبتين.
وأمّا ما ذكره في الاحتياط من أنّ وجوبه طريقي ، وإنّما هو للتحفظ على الملاك الواقعي ، فهو وإن كان صحيحاً ، إلاّأنّ تخصيصه وجوب الاحتياط
__________________
(١) راجع الجزء الثالث من هذا الكتاب ص ١٨٥ و ٣١٥