قلت : كلاّ ، لأنّ المكلف يعلم إجمالاً بثبوت التكليف مردداً بين أن يكون متعلقاً بخصوص المتيقن من الأجزاء والشرائط ، وأن يكون متعلقاً بالزائد عليه ، فإذا ارتفع تعلّقه بالزائد تعبداً لحديث الرفع ، بقي عليه امتثال التكليف بالمتيقن ، ولا وجه لرفع اليد عن التكليف بالمعلوم برفع التكليف عن المشكوك فيه. وهذا بخلاف صورة الاضطرار إلى ترك الجزء أو الشرط أو الاكراه عليه ، إذ يحتمل فيها عدم التكليف رأساً ، وليس التكليف بالفاقد إلاّمجرد احتمال.
ثمّ إنّه لا يترتب على شمول حديث الرفع لمورد إلاّرفع التكليف أو الوضع الثابت في هذا المورد في نفسه ، فالاكراه على فعل محرّم في نفسه يرفع حرمته والاكراه على معاملة يرفع نفوذها وتأثيرها ، فلو فرض أنّ المكره عليه ممّا لا أثر له في نفسه ، فلا يشمله حديث الرفع ولا يترتب على شموله أثر ، فإذا اكره أحد على ترك بيع داره مثلاً ، لا يمكن الحكم بحصول النقل والانتقال ، إذ مفاد الحديث رفع الحكم التكليفي أو الوضعي عن المكره عليه ، لا إثبات حكم له.
وكذا الحال لو اكره على إيقاع معاملة فاسدة في نفسها ، فانّه لا يمكن الحكم بترتب الأثر على هذه المعاملة الفاسدة لحديث الرفع ، فانّه أيضاً يرجع إلى الاكراه على ترك المعاملة الصحيحة ، ولا أثر لترك المعاملة الصحيحة ليرفع بحديث الرفع.
وبعبارة اخرى واضحة : كل ما كان صحيحاً ونافذاً في نفسه من المعاملات يرتفع عنه حكمه وأثره إذا وقع مكرهاً عليه. وأمّا ما كان فاسداً في نفسه ، فلا يترتب عليه الحكم بالصحّة إذا وقع عن إكراه.
الأمر الرابع : أنّه لا يرفع بحديث الرفع الحكم الثابت للشيء بالعناوين المذكورة في نفس الحديث ، كوجوب سجدتي السهو المترتب على نسيان السجدة في الصلاة ، وكوجوب الدية المترتب على قتل الخطأ ، والسر في ذلك : أنّ مفاد