موضوعاً فلا يجب التبين عنه.
وإن شئت قلت : إنّ الحكومة إنّما هي فيما إذا كان لسان الدليل الحاكم نفي الموضوع وكان الغرض منه نفي الحكم كما في قوله عليهالسلام : «لا رِبا بين الوالد والولد» وأمّا لو كان لسان الدليل نفي الحكم من أوّل الأمر فليس هناك حكومة بل تخصيص لا محالة كما لو كان لسان الدليل هكذا : لا يحرم الرِّبا بين الوالد والولد فانّه مخصص لأدلة حرمة الرِّبا لا أنّه حاكم عليها ، والمقام من هذا القبيل بعينه ، إذ المستفاد من المفهوم أوّلاً عدم وجوب التبين عن خبر العادل ويستكشف منه حجّيته وأ نّه اعتبر علماً فيكون المفهوم مخصصاً للتعليل الدال على وجوب التبين عن كل خبر غير علمي لا أنّه حاكم عليه ، والمفروض عدم إمكان الالتزام بالتخصيص لكون ظهور العام أقوى من ظهور القضيّة الشرطية في المفهوم ، بل التعليل بنفسه آبٍ عن التخصيص في نفسه ، وكيف يمكن الالتزام بالتخصيص في مثل قوله تعالى : «أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ» فيكون التعليل مانعاً عن انعقاد الظهور للقضيّة الشرطية في المفهوم.
هذا ملخّص الاشكال الذي ذكره بعض الأعاظم (١) بتوضيح منّا ، والانصاف أنّه كلام علمي دقيق وإن كان غير تام ، إذ يمكن الجواب عنه بأنّ الحكومة على قمسين :
القسم الأوّل : هو ما ذكر في الاشكال وهو أن يكون الحاكم ناظراً إلى المحكوم وشارحاً له بالتصرّف في الموضوع تضييقاً أو توسعة بلحاظ الأثر الثابت له في الدليل المحكوم وقد ذكر أمثلته ، وهذا النوع من الحكومة إنّما هو فيما إذا لم يكن الموضوع بنفسه قابلاً للتعبد كالخمر في قوله عليهالسلام :
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ١١٥