[٢ / ٤٧٦٥]
وأخرج عبد بن حميد وابن الضريس عن داوود بن أبي هند قال : قلت لعامر الشعبي : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ
الْقُرْآنُ ،) فهل كان نزل عليه في سائر الشهور إلّا ما في رمضان؟ قال : بلى ، ولكنّ
جبريل كان يعارض محمّدا ما أنزل في السنة في رمضان ، فيحكم الله ما يشاء ، ويثبت
ما يشاء ، وينسخ ما ينسخ ، وينسيه ما يشاء .
[٢ / ٤٧٦٦]
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحّاك : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي
أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) يقول : الّذي أنزل صومه في القرآن .
[٢ / ٤٧٦٧]
وقال مقاتل في قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) أي أنزل من اللّوح المحفوظ كلّ عام في ليلة القدر إلى
السماء الدنيا ثمّ نزل إلى السّفرة من اللّوح المحفوظ في عشرين شهرا ، ونزل به
جبريل في عشرين سنة .
قوله تعالى : (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى
وَالْفُرْقانِ)
حالان من
القرآن ؛ فناسب نزوله في هذا الشهر المبارك ، حيث إنّه بذاته ذو بركة على الناس من
جهتين : جهة هدايته العامّة في صياغته الموجّهة إلى العموم ، وجهة هدايته الخاصّة
لمن تدبّره وأمعن النظر فيه ، إذ فيه من البيّنات اللائحات ، يستشفّها أرباب
العقول. وعلاوة على ذلك ، فإنّ فيه من المعايير ما يفرّق به بين كلّ حقّ وباطل ،
ويتبيّن الطريق السويّ عن مسالك السوء ، بوجه عامّ.
فهناك ـ في
القرآن ـ هداية عامّه هي عنايته تعالى الشاملة لجميع الخلائق (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ). وهداية خاصّة هي عنايته تعالى بشأن أهل التقوى واليقين (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ).
وإضافة إلى ذلك
، فإنّه النور اللامع والضياء الساطع ، والبرهان القاطع للتمييز بين الحقّ والباطل
والخيرات عن الشرور ، على مدى الأيّام وكرّ الدهور. فيه منار الهدى ومصابيح الدجى
وشفاء لما في الصدور.
قال إمام
المفسّرين الشيخ أبو علي الطبرسيّ : (هُدىً لِلنَّاسِ) أي هاديا للنّاس ودالّا لهم على ما كلّفوا من العلوم. (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) أي ودلالات من الهدى.
__________________