قلت : وإذا كانت الإمامة المطلوبة في دعاء إبراهيم ، نفس الإمامة الممنوحة له عليهالسلام فالكلام فيها عين الكلام في إمامة إبراهيم ، مستفادا من الآية الكريمة.
أيضا فإنّ كلامه هنا يناقض ما أسلفنا عنه بالإنكار على الشيعة حيث اعتبروا شرط العصمة في الإمام ، استنادا إلى دلالة الآية الظاهرة في الإطلاق والشمول لكنّ الرازي ـ حيث هابته سطوة الأمراء الحاكمين في زمانه ، وهكذا سلفهم الطغاة العصاة الظالمون ـ عرّج بكلامه ولواه إلى حيث يهديه الاتّقاء من العتاة وشرور غوغاء العوام. فقال : إنّ واقعنا المرير جعلنا نلوي بوجه الآية إلى حيث خلاف ظاهرها الصريح؟! (١)
عصمة أم عدالة شاملة؟
نعم كانت العصمة ـ وهي عناية ملكوتيّة فائضة ـ شرطا عند أصحابنا الإماميّة في الإمام الأصل ، الذي يتعيّن بالنصّ (٢) ، وهو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة الاثنا عشر من عترته الطيّبة عليهمالسلام ، هذا في عصر الظهور.
أمّا عصر الغيبة وفقد إمام ظاهر مبسوط اليد ، منصوص عليه بالنصّ الخاصّ ، فالشرط هي العدالة الشاملة ، والتي يكشفها الاتّزان في السلوك في خلواته وفي الجلوات. وهذا كما جاء في حديث الإمام أبي محمّد العسكري عليهالسلام. فقد جاء الشرط للمرجعيّة العامّة في شؤون الدين والدنيا أن يكون :
[٢ / ٣٢٢٣] «صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه» (٣).
هذه هي العدالة الشاملة للاتّزان النفسي والاعتدال في السلوك ، الأمر الذي نشترطه فحسب في «وليّ أمر المسلمين» فيمن عدا الأئمّة المعصومين.
__________________
(١) المصدر : ٤٢.
(٢) إذ لا سبيل لمعرفة مقام العصمة من غير طريق الوحي المعجز (القرآن الكريم) نصّ على عصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. وأمّا الأئمّة من ذرّيته فقد نصّ كلّ سابق على اللاحق ، كما نصّ النبيّ على ولاية عليّ وهكذا كابرا بعد كابر. وكتب المسانيد متوافرة بهذه النصوص.
(٣) التفسير الموسوم باسم العسكري : ٣٠٠ ذيل الآية ٧٨ ـ ٧٩ من سورة البقرة.