وكذا قياس الخبر عن الموضوعات بالخبر عن الأحكام ، فإنّ الراوي للحديث في الأحكام الشرعيّة ، مصدّق لدى الجميع إذا كان ثقة أمينا. وهو أهمّ (١) من موضوع حكم بالذات. فلو صدّق في الأهمّ فلا مجال لعدم تصديقه في غير الأهمّ.
وأمّا استصحاب الحال ، فينقضه وجود الدليل القاطع ، وهو خبر العدل ، الّذي سبق أن نبّهنا على حجيّته ، باعتباره بيّنة شرعية ، على الإطلاق.
وما ورد من اعتبار التعدّد وربما بلغ الخمسين ، فإنّما هو لمكان الاتّهام ـ كما جاءت الإشارة إليه في نفس الروايات ـ لا ما إذا حصل الاطمئنان واليقين لدى العرف والوجدان السليم.
قوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أي يقضى بعدد الأيّام الّتي أفطر ، مخيّرا بين أن يوصلها أو يفرّقها .. وذلك لإطلاق الدليل :
[٢ / ٤٨٠٩] أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عبّاس في قضاء رمضان قال : إن شاء تابع وإن شاء فرّق ، لأنّ الله تعالى يقول : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٢).
[٢ / ٤٨١٠] وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) قال : إن شاء وصل وإن شاء فرّق (٣).
[٢ / ٤٨١١] وأخرج مالك وابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : يصوم شهر رمضان متتابعا من أفطره من مرض أو سفر (٤).
[٢ / ٤٨١٢] وأخرج ابن المنذر والدارقطني ـ وصحّحه ـ والبيهقي في سننه عن عائشة قالت : نزلت الآية هكذا : «فعدّة من أيّام أخر متتابعات» فسقطت «متتابعات» (٥).
__________________
(١) لأنّه إسناد حكم شرعيّ إلهي إلى معصوم ، ويكون مورد الابتلاء أبدا. وهذا على خلاف موضوع خارجيّ بالذات لو أخطأ فيه ، لم يترتّب عليه أثر فادح.
(٢) الدرّ ١ : ٤٦٣ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ / ١٦٣٣ ؛ البيهقي ٤ : ٢٥٨.
(٣) الدرّ ١ : ٤٦٣ ؛ المصنّف ٢ : ٤٤٩ / ١٥ ، باب ٢٦.
(٤) الدرّ ١ : ٤٦٣ ؛ الموطّأ ١ : ٣٠٤ / ٤٥ ؛ المصنّف ٢ : ٤٤٩ / ٢ ، باب ٢٧ ؛ القرطبي ٢ : ٢٨٢.
(٥) الدرّ ١ : ٤٦٤ ؛ الدارقطني ٢ : ١٩٢ / ٦٠ ؛ سنن البيهقي ٤ : ٢٥٨ ؛ القرطبي ٢ : ٢٨١.