ثمّ على فرض الاستناد ، فلا وجه للتفصيل بعد عموم التعليل وأنّ المنهيّ هو ما اشتمل على السجود والخشوع ، وهو عام في مطلق الصلوات (١).
تأويلات فارغة
وقد حاول البعض تأويل تلكم التعاليل ، فما أسفّوا منه بشيء :
قال الحافظ أبو زكريّا النووي : قيل : المراد بقرني الشيطان حزبه وأتباعه. وقيل : قوّته وغلبته وانتشار فساده. وقيل : القرنان ناحيتا الرأس ، وأنّه على ظاهره. قال : وهذا هو الأقوى. قالوا : ومعناه : أنّه يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ، ليكون الساجد لها من الكفّار كالساجدين له في الصورة ، وحينئذ يكون له ولبنيه تسلّط ظاهر وتمكّن من أن يلبّسوا على المصلّين صلاتهم. فكرهت الصلاة حينئذ صيانة لها ، كما كرهت في الأماكن الّتي هي مأوى الشيطان (٢).
وقال ابن الأثير : وفيه : «الشمس تطلع بين قرني الشيطان» أي ناحيتي رأسه وجانبيه. وقيل : القرن : القوّة ، أيّ حين تطلع الشمس يتحرّك الشيطان ويتسلّط ، فيكون كالمعين لها. وقيل : بين قرنيه ، أي أمّتيه الأوّلين والآخرين. قال : وكلّ هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها ، فكأنّ الشيطان سوّل له ذلك ، فإذا سجد لها كان كأنّ الشيطان مقترن بها (٣).
قلت : لم يكن المصلّي حينذاك متّجها إلى الشمس لا مشرّقا ولا مغرّبا ، ليتمّ قياسه بعبدة الشمس. بل يصلّي متّجها إلى الكعبة واضعا قرص الشمس على أحد طرفيه. فهذا قياس مع الفارق!
* * *
وقال الطيّبي في شرح المشكاة : فيه وجوه : أحدها ، أنّه ينتصب قائما في وجه الشمس عند طلوعها ، ليكون طلوعها كالمعين لها بين قرنيه أي فوديه (٤) فيكون مستقبلا لمن يسجد للشمس ، فتصير عبادتهم له. فنهوا عن الصلاة في ذلك الوقت ، مخالفة لعبدة الشيطان.
__________________
(١) التنقيح في شرح العروة ، بقلم الغروي التبريزي ٦ : ٥٣٦ و ٥٣٩ (ج ١ من كتاب الصلاة).
(٢) النووي بشرح مسلم ٦ : ١١٢.
(٣) النهاية ٤ : ٥٢ (مادّة قرن).
(٤) الفود : جانب الرأس ممّا يلي الأذنين إلى الأمام.